من هو المؤمن القوي في الإسلام


- 01:27
المؤمن القوي في الإسلام
من هو المؤمن القوي في الإسلام 

أشاد الإسلام بالقوة عامة ودعا المسلمين لامتلاك أسباب القوة، كما أكرم  الله عز وجل المؤمن القوي في القرآن بقوله تعالى في صورة القصص على لسان أحدى بنات الشيخ الكبير، لما سقى لهما موسى عليه السلام: 

(قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) - سورة القصص (1)
بمعنى: إن خير من تستأجره هو الانسان القويّ على حفظ مالك وماشيتك والقيام عليها في إصلاحها وصلاحها، الأمين الذي لا تخاف خيانته، فيما تأمنه عليه وهذه من أهم الصفات المحمودة في الانسان. 

وقد أثنى الرسول على المؤمن القوي، فقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: 
"المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف" رواه مسلم.

من هو النبي الذي وصف بالقوي الأمين؟

إنه الني موسى عليه السلام، لما سقى الماء للفتاتين المغلوبتين على أمرهما، ولما بادر بذلك من تلقاء نفسه بكل ما فيه من قوة وإيمان وعمل وتوكل على الله، وهو الذي لأجل صفاته تلك عُرض عليه الزواج ولم يعرضه هو، بل اختير لأخلاقه وصفاته الحميدة وفي مقدمتها القوة والأمانة.

لذلك  ينصح باختيار وترشيح (القوي الأمين) للأعمال والمهمات والمسؤوليات، وهو أمر مستوحى من القرآن الكريم في سورة القصص عندما خاطبت تلك الفتاة أباها ناصحة إياه بنبي الله موسى عليه السلام بقولها: (يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ).

من هو المؤمن القوي؟

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 
"المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز. وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل :قدر الله وما شاء فعل ، فإن لو تفتح عمل الشيطان" - رواه مسلم. (2)

هذا الحديث النبوي الشريف هو من جوامع الحكمة التي اوتيها الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو نصيحة غالية ودعوة صريحة للأمة الإسلامية، أفرادا وجماعات أن يتملكوا أسباب ا لقوة التي يحبها الله ورسوله، القوة في كل شيء مادية ومعنوية، وفي جميع معانيها المحبوبة لكل إنسان. 

والله سبحانه وتعالى لا يحب للمؤمنين أن يكونوا في الجانب الضعيف، ولا أن يكونوا من المتقاعسين الذين يضعفون عن مجابهة التحديات أو يجبنون عن مقاومة الأعداء. 

هكذا جاءت الكلمات معرّفة عامة (المؤمن القوي) ولكن تسلية للمؤمن الذي لا يملك الشخصية القوية ولا الشكيمة والاعتزاز فإنه لم يستثن من الخيرية ( وفي كل خير ) وذلك حسب ما عنده من جوانب إيجابية  ولو أنها قليلة أو ضعيفة، وحتى لا يقع في أجواء الخيبة والخسران ، وهذا من العدل والإنصاف. 


من أين تأتي القوة ؟ 

  1. تأتي القوة من الإيمان العميق والتمسك بالمبدأ (الإسلام) الذي يدفعه إلى التضحية والصبر والمصابرة وتقديم النفس والنفيس في سبيله . 
  2. تأتي القوة من قول الحق والجهر به والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. 
  3. تأتي من الأخلاق العالية، فالصبر قوة والرحمة قوة لأنها لا تكون إلا من ذوي النفوس الكبيرة، والعدل قوة لأن العادل لا يخشى بأس المتكبرين ولا يرجو نفعا من المظلومين والتواضع قوة، والحلم قوة، فالحليم لا يستفزه تطاول الناس لأنه أكبر من ذلك. 
  4. تأتي القوة من البعد عن سفاسف الأمور والبعد عن الحسد والحقد والصراع من أجل الجاه والمناصب، فالإنسان المعطاء قوي لأنه لا يعتمد في  قوته على المال أو الجاه، إنه يملك أشياء لا يستطيع أحد أن يأخذها منه، يملك الصدق والصبر والشجاعة والشهامة. 
  5. تأتي القوة عندما يكون المسلم في دائرة التأثير على الآخرين و يمتلك الخارطة الصحيحة والبوصلة التي تدل على الطريق المستقيم. 

وكل هذه القوى كانت متمثلة في شخص الرسول صلى الله عليه وسلم فهو أشجع الناس وأكرم الناس وأحلم الناس وأعدل الناس. 

من أين يأتي العجز؟

وأما العجز والكسل فإنه يأتي من عدم الاستعانة بالله سبحانه، وربما يظن الإنسان أنه أخذ بالأسباب وكفى، فيكله الله إلى نفسه وإلى ضعفه، ولكن الحزم والعزم أن يعمل المسلم ويستعن بالله. ومما يأتي منه العجز أيضا:
  1. يأتي العجز من التركيز على عيوب الآخرين ، ومن الإحساس بالتعاسة والفشل واتهام الظروف الخارجية وكأنها هي المسؤولة عن الوضع الذي يعيشه هؤلاء التعساء. 
  2. يأتي العجز عندما يعيش الناس بلا معايير أخلاقية أو مطالب أو رؤية ، ولكنهم يسعون للقوة من خلال التصاقهم بالآخرين. 
  3. يأتي العجز من الأنانية وعدم التعاون مع أهل الخير، ومن عدم الاعتراف بالخطأ والقيام بتصحيحه والتعلم منه بل يستمر الإنسان في خلق الأعذار والتغطية على الخطأ الأول مما يضاعف الفشل والخيبة. 
  4. يأتي العجز من التحسر عما فات والوقوع في دائرة الهم والحزن. ومن العيش في أجواء اللوم: لو أنني فعلت كذا لكان كذا ، أو أجواء التمني الفارغ.

 فالنبي يوسف عليه السلام لم يغرق في رثاء نفسه أو يركز على مساوئ إخوته، ولكن دعا إلى الله سبحانه وتعالى في السجن وكان إيجابيا مع رؤيا الملك،  ثم مكّن الله له في الأرض وصار الرجل الأول في مصر يقصده الناس في السنوات العجاف طلبا للعون.

الأبواب مشرعة لكل صاحب طاقة أو موهبة، فلا يستصغر الإنسان نفسه، ولكن ليستعين بالله القادر على كل شيء، إن إعجابنا بقوة الآلة يكبر يوما بعد يوم، ولكن القوة الحقيقية ليست في الآلة بل في الإنسان وفي عقله الذي منحه إياه الخالق العظيم.