شرح ما هي نظرية الثعلب والقنفذ وكيف تستفيد منها |
تعد نظرية القنفد والثعلب، والتي تسمى أيضا استراتيجية الثعلب والقُنْفُذ (the hedgehog and the fox theory) ، من الاستراتيجيات المهمة للأفراد والشركات الناشئة والشركات الكبيرة والمنشآت وغيرها من المشاريع الخاصة برواد الأعمال.
لقد بُنيَت استراتيجية القنفذ والثعلب في الأصل على مثلٍ يونانيٍّ قديم. ومن ثمَّ قام "جيم كولنز" بنشر نسخةٍ إداريةٍ من هذا المفهوم في كتابه الذي يحمل عنوان "من جيد إلى عظيم" والذي كان ذا تأثيرٍ واسع.
يساعد هذا المفهوم منظمتك على تركيز انتباهها على ثلاثة مجالات رئيسة، وهي الشغف، والموهبة، والريادة.
من خلال فهم كل بُعد من هذه الأبعاد، والأهم من ذلك فهم الكيفية التي تتداخل من خلالها، تستطيع تحديد نقطة التركيز الرئيسة التي ستوجِّه منظمتك نحو تحقيق نجاح هادفٍ وطويل المدى.
ما هي نظرية القنفذ والثعلب؟
قبل ما يزيد على 2700 عام، كتب الشاعر الإغريقي "أرخيلوخوس" العبارة النثرية التالية:
إن الثعلب يعرف أشياء وحيل كثيرة للصيد، ولكن القُنْفُذ يعرف شيئًا واحدًا كبيرًا لحماية نفسه.
ببساطة، يقوم الثعلب بكل الحيل والاستراتيجيات الممكنة من أجل محاولة اصطياد القنفذ، فقد يتسلل أو ينقض أو يسابق أو ينصب كمينًا أو يدعي الموت، فقط من أجل التمكن من القنفذ، ولكنه يفشل دائمًا في محاولاته، بسبب أن القنفد قادر على القيام بحركة واحدة، ولكن على نحو ممتاز، هي حماية نفسه من خلال التكور بحيث يبدو من الخارج ككرة من الأشواك!
ثعلب يحاول اصطياد قنفذ |
فالقُنْفُذُ هو حيوان من الثَّدييات ذات شوكٍ حاد يلتفُّ فيصير كالكرة، وبذلك يقي نفسَهُ من خطر الاعتداءِ عليه. لكن ما علاقة الثعب والقنفذ بنجاح منظمتك ؟
تعتمد نظرية القنفذ على المثل اليوناني القديم الذي يقول: " يعرف الثعلب العديد من الأمور ولكنَّ القنفذ يعرف أمراً واحداً مهمًَّا". حيث يستخدم الثعلب في هذا المثال مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات ليحاول الإمساك بالقنفذ.
فهو يتسلل، ويقفز، ويجري، ويتظاهر بالموت. وعلى الرغم من ذلك فإنَّه يعود في كلِّ مرةٍ مهزوماً وأنفه ممتلئٌ بالأشواك. ولم يتعلم الثعلب أبدًا أنَّ ثمَّة أمرًا واحدًا يعلم القنفذ كيف يقوم به بشكلٍ مثالي: وهو الدفاع عن نفسه.
إن الثعالب هي حيوانات مخادعة تتمتع بالدهاء وتسعى خلف العديد من الأهداف، تهتم بكثيرٍ من الأمور في الوقت نفسه.
وبسبب هذه المجموعة الواسعة من الاهتمامات والاستراتيجيات يُعَدُّ تفكيرها مُشتَّتاً وغير مركَّز، كما أنَّ الأمور التي تستطيع تحقيقها على المدى الطويل تُعَدُّ محدودة. (1)
في هذا العالم يتقمص البعض دور الثعلب عند جدارة، في احتياله لحياته، وبعضهم يفضلون دور القنفذ، في اتقان حيلة وتقنية فعالة، مثل تقنية كرة الشوك لدى القنفذ، حيث في الكمون والتكور يكون الهدوء، والسكينة وراحة البال!.
وآخرون صاروا مهجنين: فهم قنافذ مثعلبة، أو ثعالب مقنفذة، أو كالمنشار النشط، في الطالع ينهم، وفي النازل ينهم!.
لكن إذا خُيِّرتَ بين أن تكون ثعلبًا أو أن تكون قنفذًا. فأيُّهما تفضِّل أن تكون؟ ربما سيختار العديد من الأشخاص أن يكونوا ثعالبَ.
هل أنت قنفذ أم ثعلب؟
استخدم الفيلسوف البريطاني Isaiah Berlin هذه الحكمة في مقالته “القنفذ والثعلب” عام 1953. حيث قسم Berlin الناس إلى مجموعتين: ثعالب وقنافذ.
يجادل Berlin بأن الثعالب تسعى لتحقيق العديد من الأهداف في نفس الوقت. ونتيجة لذلك، فإن تفكيرهم مشتت، وفي النهاية يحققون القليل جدًا.
بالمقابل فإن القنافذ تبسط العالم وتركز على رؤية واحدة شاملة، والتي يحققونها بعد ذلك. (2)
من جيد إلى عظيم
طور المستشار في مجال الأعمال، Jim Collins ، هذا المفهوم كاستعارة لأعمال الشركات في كتابه "من جيد إلى عظيم" Good to Great (2001) ـ (3)
يرى Collins بان الشركات ستنجح على الأرجح إذا تمكنت من تحديد الشيء الوحيد الذي تفعله بشكل أفضل – "مفهوم القنفذ".
عندما تحدد منظمة مفهوم القنفذ الخاص بها، يجب على إدارتها تكريس كل طاقاتها ومواردها لمتابعته. حيث يجادل Collins بأنه عندما تصبح الأمور صعبة، فإن الشركات التي تركز على ما تجيده ستستمر وتزدهر.
كيفية تطبيق استراتيجية القنفذ والثعلب؟
يمكن تطبيق نظرية القنفذ من خلال إجراء ثلاثة تقييمات منفصلة:
- أفهم ما يحبه موظفوك حقًا.
- حدد ما هي أكثر الأشياء التي تجيد فعلها الشركة أكثر من أي شركة أخرى.
- تحديد ما إذا كانت جيدة لتوليد الإيرادات.
في النقطة التي تتداخل فيها التقييمات الثلاثة ستكون المكان المناسب لبناء استراتيجية شركتك.
مبدأ استراتيجية القنفذ
فالثعالب على الرغم من كل شيء تُعَدّ جميلةً، ومخادعةً، وتتمتع بالدهاء والمكر، أمَّا القنافذ، تلك المخلوقات الصغيرة ذات الأشواك والتي تعيش في أوروبا، وآسيا، وإفريقيا، فهي على العكس تماماً: بطيئةٌ، وهادئةٌ، وثقيلة الحركة.
ومن جهةٍ أخرى تُعَدُّ القنافذ بطيئةً وهادئة، وغالباً ما يتجاهلها الأشخاص بسبب هدوئها هذا وتواضعها. ولكنَّها على العكس من الثعالب قادرةٌ على تبسيط العالم وتركيز اهتمامها على رؤيا واحدة وشاملة.
إنَّ هذا المبدأ: هو ما يوجه جميع ما تقوم به ويساعدها على النجاح في مواجهة جميع الصعاب.
طوَّر "جيم كولنز" (Jim Collins) هذه الفكرة بشكلٍ أوسع في كتابه الكلاسيكي الذي نشره في العام 2001 تحت عنوان "من جيد إلى عظيم" (Good to Great).
فوفقاً لـ "كولنز" يزيد احتمال نجاح المنظمات إذا ركزت اهتمامها على أمرٍ واحد وأجادت القيام به. ومن خلال ذلك تستطيع هزيمة منافسيها وأن تصبح شركاتٍ عظيمةً بالفعل.
تستطيع أي منظمة أن تتوصل إلى "مفهوم القنفذ " الخاص بها من خلال القيام بثلاثة تقويمات منفصلة.
- فأولاً: تستطيع أن تفهم ما الذي يثير شغف موظفيها بشكلٍ حقيقي.
- وثانياً: تستطيع تحديد ما تجيد القيام به أكثر من أي أحدٍ آخر.
- وأخيراً تستطيع تحديد الأشياء التي تجيد من خلالها زيادة الدخل.
إنَّ المكان الصحيح الذي نستطيع المضي منه قُدُماً هو حيث تتقاطع هذه الإجابات الثلاث، فهذه النقطة المركزية هي "الهدف" الذي يجب أن تسعى إليه استراتيجية المنظمة.
- ما الذي تشعرون تجاهه بشغفٍ عميق؟
- ما الشيء الذي تستطيعون أن تكونوا أفضل من يقوم به في العالم؟
- ما الذي يدفع محرككم الاقتصادي؟
عندما تحدد المنظمة " مفهوم القنفذ " الخاص بها فيجب على قادتها أن يكرِّسوا جميع طاقاتهم ومواردهم من أجل السعي إلى تحقيق الشيء الوحيد الذي تجيد المنظمة القيام به.
حيث يذكُر "كولنز" أنَّه عندما تسوء الأمور فإنَّ المنظمات التي تركز انتباهها على ما تجيد القيام به بدلاً من البحث عن استراتيجيات جديدة هي التي تستمر وتزدهر.
أنظر أيضا: ما هي نظرية الأحمق الأكبر وكيف تتجنب الوقوع فيها.
كيف تطبق نظرية القنفذ في مشاريعك؟
فلنلقِ نظرةً على كل دائرة من هذه الدوائر بشكلٍ مفصَّل ونكتشف كيف في إمكانك تطبيقها في منظمتك أو شركتك أو في مشاريعك عامة.
1. الخطوة الأولى:
التعرف على الأشياء التي تثير الشغف لديك فكر في الشيء الذي يجعلك تشعر بالشغف على صعيد العمل.
- ما الذي يجعلك تستيقظ في الصباح وتستمر في العمل إلى وقت متأخر عندما يكون الآخرون جميعاً قد غادروا إلى منازلهم؟
- ما أكثر ما يثير الحماسة لدى موظفيك؟
- وما الذي يثير الإلهام لديهم فيما يتعلق بغاية المنظمة؟
- وما الحوافز والقيم التي تتطلع إلى وجودها لدى الأعضاء الجدد عند تعيينهم في الفريق؟
ومن ثمَّ اطلع على الخاصين بمنظمتك. ما القيم الأساسية الموجودة فيهما، وما مدى اتباع الموظفين لهذه المبادئ؟
وسع الفيلسوف والمناظر الاجتماعي البريطاني "أشعيا برلين" في شرح هذه الفكرة في مقال نشره عام 1953 تحت عنوان "القنفذ والثعلب"، وقام خلاله بتقسيم الفلاسفة والمفكرين في العالم إلى مجموعتين، هما الثعالب والقنافذ.
أشار "برلين" إلى أن الثعلب حيوان أنيق وذو دهاء يسعى لتحقيق العديد من الأهداف والمصالح في ذات الوقت، ولكن بسبب هذه المجموعة الواسعة من الأهداف والاستراتيجيات، يصبح تفكيره متناثرا يفتقر إلى التركيز، لذلك لا يحقق الكثير على المدى الطويل.
في المقابل، القنفذ بطيء وثابت، وغالبًا ما يغفل الناس عنه أو يقللون من تقديره لأنه متواضع وهادئ. ولكنه على عكس الثعلب لديه قدرة مذهلة على تبسيط الأمور والتركيز على رؤية واحدة شاملة. هذا هو المبدأ الذي يحكم كل ما يفعله، والذي يساعده على النجاح رغم كل الصعاب
يتخير القنفذ عناقيد العنب، وينتقي عنقوداً ممتلئا، يقرض عوده بأسنانه الحادة حتى ينفرط كمسبحة على الأرض. فيترجل ويأكل حتى الشبع، قبل أن يتمرغ في حبات العنب المتبقية، كي تعلق بأشواكه الحادة، ليتسلل بها إلى جحره، فيطعم أولاده، أو زوجه. وكما له حيل ذكية مع العنب، فله صولات ومواجهات باسلة.
فالقنفذ أو (كرة الشوك) كما كنا نسميه في طفولتنا، يصطاد الأفاعي بطريقة عجيبة، ففور أن يقع نظره على واحدة تسعى، تزداد أشواكه انتعاشاً، فيدور حولها ملتفا كامشا خطمه، ليكون في حماية أشواكه المشرعة.
ثم يزحف حتى يقترب منها مسافة ملائمة، فينقضّ بسرعة عاضاً ذيلها بقوة فولاذية، فتتلوى وأنيابها البارزة تلمع محاولة النيل من هذا الشرير، الذي يحتمي بأشواكه. وبعد أن تنهك قوى الأفعى، يأخذ القنفذ بنقل عضته القوية عبر جسدها الملتوي، حتى يصل إلى عنقها (الهدف)، فيجهز عليها، ويلتهمها بشهية، لا تقل عن شهيته في حفلة العنب !
وقد يتماوت الثعلب وينفخ بطنه، ويرفع قوائمه، حتى يُظنُّ أنه مات من أيام، فإذا اقترب منه حيوان صغير، وثب عليه، وصاده بغتة. وهذه الحيلة تنطوي على كثير من الحيوانات الدارجة، إلا على القنفذ.
ومع أن الثعلب ذو حيلة ومكر ودهاء، إلا أن المسكين لم يقدر أن ينقذ نفسه من خطر الانقراض، بعد أن صار هدفاً للصيادين، الذين يحبذونه لأجل فروه الناعم عندما يؤول إلى معاطف وشالات ترفل بوداعة على أكتاف الباذخات من النساء!.
صحيح أن الثعلب مغرم بالدجاج، إلا أن غرامه الكبير يبقى في لحم القنافذ، لكن كل حيله ومراوغاته، ورفعه لأقدامه في الهواء تضيع أدراج الريح مع القنفذ الذي يعرف تماما الثعلب ومكره، وحتى حين يهاجمه، يتكور جاعلاً نفسه كرة شوك تجرح من يقترب منها، عندها ينسحب الثعلب خائباً، لا يلوي على شيء، وقد يُصاد في الطريق!. وسنتذكر قول الشاعر اليوناني الشهير آرخيلوخوس:
الثعلب يعرف أشياء كثيرة، ولكن القنفذ يعرف شيئاً واحداً كبيرًا !
يعتمد مفهوم القنفذ على المثل اليوناني القديم الذي يقول: "يعرف الثعلب العديد من الأمور ولكنَّ القنفذ يعرف أمراً واحداً مهمَّاً".
يستخدم الثعلب في هذا المثال مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات ليحاول الإمساك بالقنفذ.
فهو يتسلل، ويقفز، ويجري، ويتظاهر بالموت. وعلى الرغم من ذلك فإنَّه يعود في كلِّ مرةٍ مهزوماً وأنفه ممتلئٌ بالأشواك.
لم يتعلم الثعلب أبداً أنَّ ثمَّة أمراً واحداً يعلم القنفذ كيف يقوم به بشكلٍ مثالي: وهو الدفاع عن نفسه.
قام الفيلسوف "أشعيا برلين" (Isaiah Berlin) بأخذ هذا المثال وتطبيقه على العالم المُعاصر في مقالته التي نشرها في العام 1953 تحت عنوان "القنفذ والثعلب" (Hedgehog and the Fox). قسَّم "برلين" الأشخاص إلى مجموعتين: الثعالب والقنافذ. فقد بيَّن في مقالته
أنَّ الثعالب هي حيوانات مخادعة تتمتع بالدهاء وتسعى خلف العديد من الأهداف وتهتم بكثيرٍ من الأمور في الوقت نفسه. وبسبب هذه المجموعة الواسعة من الاهتمامات والاستراتيجيات يُعَدُّ تفكيرها مُشتَّتاً وغير مركَّز، كما أنَّ الأمور التي تستطيع تحقيقها على المدى الطويل تُعَدُّ محدودة.
ومن جهةٍ أخرى تُعَدُّ القنافذ بطيئةً وهادئة، وغالباً ما يتجاهلها الأشخاص بسبب هدوئها هذا وتواضعها. ولكنَّها على العكس من الثعالب قادرةٌ على تبسيط العالم وتركيز اهتمامها على رؤيا واحدة وشاملة.
إنَّ هذا المبدأ هو ما يوجه جميع ما تقوم به ويساعدها على النجاح في مواجهة جميع الصعاب. طوَّر "جيم كولنز" (Jim Collins) هذه الفكرة بشكلٍ أوسع في كتابه الكلاسيكي الذي نشره في العام 2001 تحت عنوان "من جيد إلى عظيم" (Good to Great). فوفقاً لـ "كولنز" يزيد احتمال نجاح المنظمات إذا ركزت اهتمامها على أمرٍ واحد وأجادت القيام به.
من خلال ذلك تستطيع هزيمة منافسيها وأن تصبح شركاتٍ عظيمةً بالفعل.
- ما الذي تشعرون تجاهه بشغفٍ عميق؟
- ما الشيء الذي تستطيعون أن تكونوا أفضل من يقوم به في العالم؟
- ما الذي يدفع محرككم الاقتصادي؟
عندما تحدد المنظمة "مفهوم القنفذ" الخاص بها فيجب على قادتها أن يكرِّسوا جميع طاقاتهم ومواردهم من أجل السعي إلى تحقيق الشيء الوحيد الذي تجيد المنظمة القيام به.
حيث يذكُر "كولنز" أنَّه عندما تسوء الأمور فإنَّ المنظمات التي تركز انتباهها على ما تجيد القيام به بدلاً من البحث عن استراتيجيات جديدة هي التي تستمر وتزدهر. تطبيق النموذج:
فلنلقِ نظرةً على كل دائرة من هذه الدوائر بشكلٍ مفصَّل ونكتشف كيف في إمكانك تطبيقها في منظمتك:
الخطوة الأولى: التعرف على الأشياء التي تثير الشغف لديك فكر في الشيء الذي يجعلك تشعر بالشغف على صعيد العمل. ما الذي يجعلك تستيقظ في الصباح وتستمر في العمل إلى وقت متأخر عندما يكون الآخرون جميعاً قد غادروا إلى منازلهم؟
ما أكثر ما يثير الحماسة لدى موظفيك؟ وما الذي يثير الإلهام لديهم فيما يتعلق بغاية المنظمة؟ وما الحوافز والقيم التي تتطلع إلى وجودها لدى الأعضاء الجدد عند تعيينهم في الفريق؟ ومن ثمَّ اطلع على الخاصين بمنظمتك.
ما القيم الأساسية الموجودة فيهما، وما مدى اتباع الموظفين لهذه المبادئ؟ وما الأشياء التي يجب أن تقوم بها حتى تعيش شغف الحياة؟
2. الخطوة الثانية:
التعرّف على الأشياء التي تجيد القيام بها مع وجود هذا البُعد فإنَّ هدفك هو فهم ما يمكن لمنظمتك أن تقوم به بشكلٍ أفضل من الشركات الأخرى.
فإذا لم تكن صاحب المركز الأول على مستوى العالم في عملك الأساسي فإنَّ هذا العمل يجب ألَّا يشكل أساس مفهوم القنفذ بالنسبة إليك.
اكتشف الموهبة الحقيقية التي تتمتع بها منظمتك من خلال إجراء تحليل "سووت" وتحليل القدرات الأساسية وتحليل عرض البيع الفريد. ستبيِّن لك هذه الأدوات ما تجيد القيام به وستساعدك على تحديد المجالات التي تستطيع التفوق فيها.
لكي تكون ناجحاً، اعمل ما تحبه وتتقنه.
3. الخطوة الثالثة:
التعرّف على المحرّك الاقتصادي الخاص بك لكي يكون لديك محركٌ اقتصاديٌّ سليم يجب على منظمتك أن تفهم بشكلٍ كامل كيفية توليد تدفقٍ نقديٍّ وربحٍ دائمَيْن. يمكن التعبير عن هذه الفكرة بأنَّها المقياس الذي يمكن أن يكون له التأثير الأكبر والأكثر دواماً في نجاح المنظمة على المدى الطويل.
في سبعينيات القرن الماضي على سبيل المثال كانت الرؤيا التي لدى متجر "وولجرينز" (Walgreens) في الولايات المتحدة الأمريكية بأن يكون أفضل صيدليةٍ في العالم من حيث توفيرها الراحة للزبائن. لقد كانت المنظمة تعتقد أنَّ في إمكانها تحقيق هذه الرؤيا وكان لديها من الشغف ما دفعها إلى السعي نحو تحقيق طموحاتها.
ولقياس النجاح وفقاً للاستراتيجية التي وضعها المتجر حوَّل المتجر تركيز انتباهه من الربح المبني على المتاجر (profit per store) إلى الربح المبني على الزبائن (profit per customer) لأنَّه وجد أنَّ هذا يتناسب بشكلٍ أفضل مع استراتيجيته الشاملة.
من خلال تركيزها الانتباه على توفير الراحة افتتحت المنظمة العديد من المتاجر الجديدة وهذا ما كان يعني أنَّ مزيداً من الزبائن سيزورون هذه المتاجر ممَّا سيؤدي إلى زيادة الأرباح على مستوى الشركة بأكملها. بينما كان البديل المتمثل في تركيز الاهتمام على تحقيق الربح المبني على المتاجر والذي يمكن تحقيقه من خلال تخفيض عدد المتاجر سيحقق نجاحاً أقل لأنَّ هذا يناقض مفهوم "وولجرينز" المبني على توفير الراحة.
4. الخطوة الرابعة:
البحث عن التداخل بما أنَّك اطلعت على الدوائر الثلاث ينبغي لك أن تحدد مكان التداخل بينها. ففي الموضع الذي تتداخل فيه ستجد مفهوم القنفذ الخاص بك: وهو الرؤيا المركزية التي توجه استراتيجية منظمتك.
تخيل على سبيل المثال أنَّ الموظفين في منظمتك يشعرون بالشغف تجاه الابتكار وتقديم الفائدة للأشخاص الضعفاء. وأنت تدرك أنَّ لديك القدرة على أن تكون الأفضل على مستوى العالم في تطوير أنظمة لتصفية المياه تكون ذات أسعار معقولة بالإضافة إلى حافظات مياه قابلة للحمل.
ولديك شبكة واسعة للقيام بالأعمال الخيرية وتتمتع بالخبرة في القيام بعمليات بيع ذات حجم كبير. ومن ثمَّ فإنَّ "مفهوم القنفذ" بالنسبة إليك يمكن أن يكون تطوير نظام لتنقية المياه يكون قابلاً للحمل والذي يستطيع الأشخاص الذين يعيشون في البلدان النامية استخدامه من أجل تنقية مياه الأنهار.
تستطيع أن تبيع هذه المنتجات بكميات كبيرة للجمعيات الخيرية. لا تشعر بالقلق إذا لمَّا يصبح مفهوم القنفذ الخاص بك واضحاً بعد. فقد تحتاج إلى أن تُجري بعض التحاليل الإضافية أو تستكشف توليفاتٍ مختلفة لإيجاد الرؤيا الأساسية التي يمكن أن تحقق النتيجة الأفضل بالنسبة إليك.
5. الخطوة الخامسة:
مراجعة الاستراتيجية بعد أن وجدت أفضل مجالاتٍ تتداخل الدوائر فيها ألقِ نظرةً على الحالية. بالاعتماد على ما تعلمته، هل ستستفيد منظمتك من؟
ستحتاج أيضاً إلى إشراك أعضاء فريقك في الاستراتيجية الجديدة. وضح ما مفهوم القنفذ، ولماذا من المهم أن تنظم المنظمة استراتيجيتها بحيث تعكس شغفها، وموهبتها، وإمكاناتها الاقتصادية الحقيقية.
ستتيح لك هذه الاستراتيجية الجديدة المنظمة بشكلٍ مناسب تركيز انتباهك على المدى الطويل على أعضاء فريقك، ومورِّديك، وزبائنك.
لماذا يتفوق القنفذ على الثعلب؟
يُعرف الثعلب بالمكر والخداع |
قام الكاتب الأمريكي "جيمس سي كولينز" بتطوير هذه الفكرة وإبراز تطبيقاتها في عالم إدارة الشركات في كتابه الشهير "من جيد إلى عظيم" الصادر في عام 2001، والذي أشار خلاله إلى أن الشركات تكون أكثر عرضة للنجاح إذا كانت (مثل القنفذ) تركز على شيء واحد وتقوم به على نحو جيد، موضحًا أنها من خلال القيام بذلك، يمكنها أن تتغلب على منافسيها لتصبح شركة كبرى
يقول "كولينز"، اتضح أن كل القادة الجيدين والعظماء يتبعون استراتيجية القنفذ.
فهم يعرفون كيف يقومون بتبسيط العالم المعقد ضمن رؤية موحدة، وهو ما يؤدي إلى توحيد وتنظيم جميع قراراتهم، وتوظيف مواردهم وطاقاتهم بشكل أفضل،
بينما يميل الكاتب الأمريكي إلى رؤية استراتيجية الثعالب على أنها مشتتة، تفتقر إلى التركيز وغير متناسقة
في توضيحه لكيفية تحديد الفائز والخاسر في المنافسة، أشار "كولينز" إلى أن الثعلب يحاول دائمًا " أكل " القنفذ، في حين أن كل ما يقوم به الأخير هو التكور لحماية نفسه، ويظل على هذا الحال إلى أن يصيب الثعلب التعب أو الملل أو يشتته شيء آخر، ليتابع القنفذ بعد ذلك طريقه.
يقول الأستاذ بجامعة برينستون الأمريكية "مارفين بريسلر"، إن الشيء المشترك بين أصحاب التأثير على مر التاريخ، هو أنهم جميعًا اتبعوا نظرية القنفذ. جميعهم أخذوا فكرة معقدة وقاموا بتبسيطها. فكرة واحدة وصلوا بها إلى أبعد ما يمكنهم.
وهذا ما فعله "فرويد" في مفهوم اللاوعي، و"ماركس" مع الصراع الطبقي، "آينشتاين" مع النسبية، و"آدم سميث" مع مفهوم تقسيم العمل أن تكون واضحًا ومحددا، هي قوة لا مثيل لها. وبالمناسبة القنفذ ليس غبيًا، بل على العكس تمامًا، هو يدرك أن جوهر البصيرة العميقة هو البساطة.
هل هناك ما هو أكثر بساطة من "E=mc²" (معادلة تكافؤ الكتلة والطاقة، الأشهر في التاريخ)، ماذا يمكن أن يكون أكثر أناقة من مثال مصنع الدبابيس الذي ضربه "آدم سميث" لشرح فكرة تقسيم العمل.
وفقًا لـ"بريسلر"، أولئك الذين ينتهجون استراتيجية القنفذ ليسوا سُذجاً، وإنما يمتلكون نظرة ثاقبة تسمح لهم بالرؤية بشكل واضح خلال المشهد المعقد. ببساطة، القنفذ يركز على ما هو ضروري، ويتجاهل أي شيء آخر
قوة التركيز والاتحاد
العديد من الشركات الناشئة أثناء سعيها لبناء علامة تجارية قوية، تحاول القيام بأشياء مختلفة في أكثر من اتجاه في ذات الوقت. الكثير منها بينما لا تزال تخطو خطواتها الأولى في السوق تريد أن تغزو العالم، بل وتتقدم على المنافسين في أكثر من مجال، ولا تتراجع عن هذا إلا بعد أن تحرقها نيران السوق الذي يستوطن به كبار يتصدرون مجالاتهم بعد أن نجوا من أهواله لعقود
هذه الحقيقة أدركتها جيدًا سلسلة الصيدليات الأمريكية "ولجرينز Walgreens"، والتي انتهجت استراتيجية القنفذ في السبعينيات حين حددت رؤيتها بأنها ترغب في أن تصبح سلسلة الصيدليات الأكثر تفضيلًا من قبل المستهلكين.
وللقيام بذلك، غيرت الشركة استراتيجيتها، لتتحول من التركيز على ربحية كل صيدلية إلى التأكد من راحة كل عميل، بعد أن تبين لها أن هذا سيخدم رؤيتها الشاملة
في سعيها لتحقيق هذا الهدف، افتتحت الشركة صيدليات جديدة في أماكن نائية، وأحياناً أكثر من صيدلية في نفس المنطقة السكنية، ليصبح بإمكان عدد أكبر من العملاء زيارة صيدلياتها، ولكنها في نفس الوقت لم تقم بإغلاق الصيدليات غير المربحة أو الأقل نجاحًا، لأن ذلك يتناقض مع رؤيتها الشاملة، وهي راحة العملاء
خلال 12 عامًا، أصبحت "ولجرينز Walgreens" التي تم تأسيسها في عام 1901، هي أكبر سلسلة صيدليات في الولايات المتحدة، ولا تزال تحافظ على الصدارة حتى اليوم
أهم ما يميز استراتيجية القنفذ في عالم الأعمال التجارية هو اتساقها واتحادها.
فالشركات التي تكرس نفسها لغاية محددة تتمكن دائمًا من العثور على نقاط قوتها في أوقات الأزمات، وغالبًا ما تكون أكثر استعدادًا للصمود في وجه تقلبات السوق مقارنة مع المنافسين متعددي الرؤى والأهداف.
أخيرًا، على الرغم من أن هذه الاستراتيجية هي بالتأكيد ليست ضماناً لنجاح الأعمال التجارية، إلا أنها اكتسبت قدرا كبيرا من المصداقية كنموذج عملي.
الدوائر الثلاث في استراتيجية القنفذ
الدوائر الثلاث لمفهوم القنفذ (Three Circles Of The Hedgehog Concept) هو مفهوم تم تطويره من قبل المستشار التجاري الأمريكي الشهير جيم كولينز (Jim Collins) الذي سلط الضوء على العوامل المختلفة التي تمكن الشخص أو الشركة من تحقيق قمة النجاح والنمو في مجاله.
المفهوم يكمن في قوة البساطة التي ترفع من فرص النجاح في العمل. ويمكن تطبيق هذا المفهوم في الشركات من خلال ثلاث دوائر (Three Circles) يبدأ كل منها بسؤال. ويكمن مفهوم القنفذ في تقاطع تلك الدوائر الثلاث. تتضمن تلك الدوائر:
- الدائرة الأولى: ما الشيء الذي أنت متحمس له وشغوف بشدة به؟
- الدائرة الثانية: ما الشيء الذي يمكنك أن تكون الأفضل فيه عن باقي الشركات؟
- الدائرة الثالثة: ما هو الدافع الاقتصادي الذي يحركك؟
قصة الثعلب والقنفذ
قصة الثعلب والقنفذ |
يستند مفهوم القنفذ إلى المثل اليوناني القديم الذي يحكي قصة القنفذ والثعلب. فالثعلب متعدد المهام ويمكن أن يفعل أشياء كثيرة في وقت واحد.
الثعلب ذكي ويدرك بيئته ويمكنه الوصول إلى فريسته حتى من مسافة طويلة ويُطبق العديد من الاستراتيجيات لاصطياد القنفذ، وتنتهي القصة دائماً بالفشل وسحب أنفه ممتلئاً بأشواك القنفذ.
في هذه القصة الكلاسيكية، يُمكن للقنفذ أن يفعل شيئاً واحداً فقط ويفعله بطريقة مثالية، فهو يدافع عن نفسه من خلال تطبيقه لاستراتيجية بسيطة في كل مرة وهي جعل نفسه كرة من الأشواك.
يُطبق كولينز هذا المثل على الشركات الكبيرة. فالشركات الكبيرة التي تحقق نجاحات عظيمة عادة ما تُركّز على شيء واحد في كل مرة، مثل القنفذ. في حين أن الشركات التي تركز على أشياء كثيرة هي مثل الثعالب.
التركيز والعمل على العديد من الأشياء والمهام في وقت واحد يمكن أن يُفقد الشركات التركيز ويقلل من فرص نجاحهم في السوق.
على الرغم من أن القنافذ بطيئة وأقل ذكاءً من الثعالب، إلا أنها قادرة على تبسيط المهام المختلفة من حولها حيث أنها تركز على رؤية واحدة وشاملة والتي تؤدي إلى نجاحها.