القسم بالله أو الحلف بالله أو اليمين هي عبارة عن تعبير شائع في اللغة العربية يستخدم للتأكيد على صدق أو جدية الشخص فيما يقوله أو يعد به.
ويعني حرفياً "الحلف بالله"، وهو تعبير يستخدم في الدين الإسلامي وغيره من الأديان كوعد بصدق، وصدق الكلام والعهد.
ومن المفروض أن يتحلى الإنسان بالأمانة والصدق في جميع الأوقات، ولا يحتاج إلى استخدام هذا التعبير إلا في الحالات الضرورية التي يكون فيها مهما أن يؤكد على صدقه وجدية عهده.
اليمين ثابتة بالكتاب والسنة فمن الكتاب قول الله عز وجل:(واحفظوا أيمانكم). وفي سورة اخرى: (ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها)
ومن السنة المطهرة قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "والذي نفس محمد بيده لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا ولضحكتم قليلا" وقوله : "من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت" (1).
وفي هذا المقال ستتعرف على أنواع القسم بالله، كفارة القسم بالله، وكذلك على شروط القسم بالله، ومتى يكون القسم بالله حرام.
أنواع القسم بالله:
إن القسم بالله، أو (اليمين) في الشرع الإسلامي له ثلاثة صور حسب الفقهاء وهي:
- اليمين المنعقدة: وهي أن يحلف على أمر في المستقبل أن يفعله أو لا يفعله، فإن خالف ما أقسم عليه وجبت عليه الكفارة. وسميت باليمين المنعقدة لأنها الحلف الذي ينعقد عليه قلب الحالف ويقصد به القيام بفعل بالمستقبل أو الامتناع عنه. كأن يقول مثلا: والله لن أزور أخي، أو أقسم بالله أن أرد اليك مالك ؛ فهذه أيمان منعقدة. فان استثنى الحالف فقال: ان شاء الله، ولم يتمكن من الوفاء بيمينه لا يعد حانثا. وقال الحنفية هي ان يحلف المرء على فعل شيء في المستقبل ثم يرفض ان يفعله بعد ذلك.
- اليمين الغموس: وهي اليمين الكاذبة التي يراد بها به إنكار حق أو تحقيق منكر، وسميت باليمين الغموس لأنها تغمس صاحبها في الإثم والنار، وهي اليمين التي يحلفها المرء على أمر كاذباً متعمداً، كمن فعل شيئاً في الماضي وأقسم أنه لم يفعله. وهذه اختلف فيها العلماء، فمنهم من قال بوجوب الكفارة، ومنهم من قال بعدم وجوبها وإنما عليه التوبة والاستغفار من إثمها العظيم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"الكبائر؛ الاشراك بالله، وعقوق الوالدين، واليمين الغموس"(2).
- يمين اللغو، وهو القسم الذي يجري على ألسنة العامة بغير قصد وفي مواضع لا تستدعي القسم، وفي مواضع يجهلها، وفي مواضع يظن فيها صدق نفسه، وفي مواضع ينساها، فهذه من جملة يمين اللغو، ولا تجب في هذا النوع كفارة، وهذا هو الراجح.
لذلك يقول بعض الفقهاء أن القسم العشوائي الذي يجري على ألسنة العوام في غير موضعه هو من جملة اللغو الذي لا يؤاخذ الله عباده عليه طالماً لم يقصدوا به إنكار حق أو تحقيق منكر. ويعرّفون قسم اللغو كالتالي:
قسم اللغو هي ما يجري على ألسنة الناس من حلف غير مقصود، يخرج غالبا في حالة الغضب أو المجادلة أو المزاح، كقول الإنسان بصورة عفوية: والله لن أفعل كذا. لا يعد قسم شرعي، ولا يحنث الحالف ان خالف ما أقسم عليه.
كفارة القسم بالله:
من حلف على يمين ووجد غيرها خيرا منها فلا يف بيمينه بل يفعل الخير ويكفر عن يمينه.
قال رسول الله :"من حلف على يمين فرأى خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه"(1). وتعطى الكفارة لمن يستحق الزكاة من الفقراء والمساكين بعد الحنث ويمكن تقديمها عليه.
شروط القسم بالله:
يشترط بالحالف أن يكون من أهل التكليف، فيشترط فيه ثلاثة شروط أساسية وهي:
- الإسلام
- البلوغ
- العقل
فالمسلم هو المخاطب بالتكليف الشريعة دون غير المسلم، والطفل لا يكون منه اليمين الشرعية التي تترتب عليها الأحكام من الزام واثم وكفارة. ولا يكون من المجنون؛ لأنه غير مسؤول عن تصرفاته.
أن تكون يمين مقصودة بإرادة الحالف دون اكراه أو تهديد بالإيذاء البدني أو النفسي والمعنوي مما يغلب الظن بوقوعه. وأن تكون من نية صادقة فلا يمكن أن تعتبر قسما إن كانت مقروءة من غير نية خالصة
شروط المحلوف عليه
أن يكون طاعة أو عمل مستحب.
شروط المحلوف به
أن يكون ب الله الله أو باسم من أسمائه أو بصفة من صفاته، ولا يحل الحلف بالآباء والأمهات والأمانة والشرف. قال رسول الله :"لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد، ولا تحلفوا بالله الا وأنتم صادقين"(3).
الفرق بين القسم والحلف واليمين
قال أبو هلال العسكري: "الفرق بين القسَم والحلف أن القسم أبلغ من الحلف؛ لأن معنى قولنا: أقسم بالله: أنه صار ذا قسم بالله. والقسم: النصيب، والمراد أن الذي أقسم عليه من المال وغيره قد أحرزه، ودفع عنه الخصم بالله. والحلف من قولك: سيف حليف، أي: قاطع ماضٍ.
فإذا قلت: حلف بالله؛ فكأنك قلت: قطع المخاصمة بالله، فالأول أبلغ, يتضمَّن معنى الآخر مع دفع الخصم, ففيه معنيان، وقولنا: حلف، يفيد معنًى واحدًا, وهو قطع المخاصمة فقط، وذلك أن من أحرز الشيء باستحقاق في الظاهر فلا خصومة بينه وبين أحد فيه، وليس كل من دفع الخصومة في الشيء فقد أحرزه.
واليمين اسم للقسَم مستعار، وذلك أنهم كانوا إذا تقاسموا على شيء تصافحوا بأيمانهم، ثم كثر ذلك حتى سُمِّيَ القسم يمينًا. (4)
أنظر أيضا: معنى حسبي الله ونعم الوكيل وعجائبها ومتى تقال.
تعابير القسم بالله
- أقسم بالله
- بالله
- تالله
- والله
أقوى قسم بالله
أقوى قسم بالله - أقسم بالله العلي العظيم - الحلف بالله |
تعد عبارة "أقسم بالله العلي العظيم" من أقوى عبارات القسم بالله عز وجل. وتلزم صاحبها بالصدق وإذا خالف صحابها ما أقسم عليه، حنِث بيمينه وكان آثما إثما عظيما والعياد بالله.
القسم في المحاكم
يستخدم القسم اليوم بشكل رسمي في المحاكم عند استجواب الشاهد. والأيمان جمع يمين وتعرف: بأنها تأكيد أمر ما بالحلف باسم الله أو بصفة من صفاته سواء أكان ذلك الأمر ماضياً أو مستقبلاً.
كما تنص معظم دساتير الدول على نص لقسم دستوري يؤديه عادة أصحاب المناصب العليا عند استلامهم مناصبهم أو التجديد لهم. وهم غالباً:
- رئيس الجمهورية (في الجمهوريات). أو الملك (في الدول الملكية).
- رئيس مجلس الوزراء.
- الوزراء وكبار ضباط الجيش.
- أعضاء البرلمان.
اضرار كثرة الحلف بالله
ينبغي على المسلم عدم الإكثار من الحلف بالله، ولو كان صادقًا، لقول الله سبحانه وتعالى:( وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ) [المائدة:89]، وقوله ﷺ:
"ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم أشيمط زان وعائل مستكبر ورجل جعل الله بضاعته لا يشتري إلا بيمينه ولا يبيع إلا بيمينه". (5)
فالمشروع للمؤمن أن يقلل من الأيمان ولو كان صادقا؛ لأن الإكثار منها قد يوقعه في الكذب.
ومعلوم أن الكذب حرام، وإذا كان مع اليمين صار أشد تحريما، لكن لو دعت الضرورة أو المصلحة الراجحة إلى الحلف الكاذب فلا حرج في ذلك؛ لما ثبت عن النبي ﷺ من حديث أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنها، أن النبي ﷺ قال:
"ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فيقول خيرا أو ينمي خيرًا قالت: ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إنه كذب إلا في ثلاث: الإصلاح بين الناس، والحرب، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها" رواه مسلم في الصحيح.
فإذا قال في إصلاح بين الناس: والله إن أصحابك يحبون الصلح ويحبون أن تتفق الكلمة، ويريدون كذا وكذا، ثم أتى الآخرين وقال لهم مثل ذلك، ومقصده الخير والإصلاح فلا بأس بذلك للحديث المذكور.
وهكذا لو رأى إنسانا يريد أن يقتل شخصا ظلما أو يظلمه في شيء آخر، فقال له: والله إنه أخي، حتى يخلصه من هذا الظالم إذا كان يريد قتله بغير حق أو ضربه بغير حق، وهو يعلم أنه إذا قال: أخي، تركه احتراما له، وجب عليه مثل هذا لمصلحة تخليص أخيه من الظلم.
والمقصود: أن الأصل في الأيمان الكاذبة المنع والتحريم، إلا إذا ترتب عليها مصلحة كبرى أعظم من الكذب، كما في الثلاث المذكورة في الحديث السابق[المصدر: مجموع فتاوى ابن باز].
نموذج قسم بالله يؤذيه الأطباء
نموذج قسم بالله يؤديه الأطباء بعد تخرجهم وتسلم مهنتهم كطبيب |