الاستراتيجيات العشر للتحكم في الشعوب - نعوم تشومسكي


- 06:59
الاستراتيجيات العشر للتحكم في الشعوب - نعوم تشومسكي
الاستراتيجيات العشر للتحكم في الشعوب - نعوم تشومسكي

هذه الاستراتيجية للتحكم والسيطرة على الشعوب التي وضعها الفيلسوف الأمريكي نعوم تشومسكي Noam Chomsky، ويتم تطبيقها على الشعوب التي تملك قدر ضعيف من الوعي ولديها قابلية للتكيف والترويض وتعيش ظروف مزرية تحث وطأة الأمية والجهل.

 أما الشعوب الواعية فيصعب ترويضها وتدجينها، أما بالنسبة لبعض البلدان في شمال افريقيا والشرق الأوسط فإن هذه الخطط العشر للتحكم في الشعوب مطبقة موجودة وربما هناك خطط أخرى تتعلق بالريع والفساد و الاستبداد. لأن الشعوب المقهور في العالم الثالث، فهي أصلا ضحية التهجين والتدجين والترويض.

وإليك في ما يلي لائحة الاستراتيجيات العشر للتحكم في الشعوب للمفكر السياسي الكبير نعوم تشومسكي:

أولاً- استراتيجية الإلهاء:

هذه الاستراتيجية عنصر أساسي في التحكّم بالمجتمعات، وهي تتمثل في تحويل انتباه الرّأي العام عن المشاكل الهامّة والتغييرات التي تقرّرها النّخب السياسية والاقتصاديّة، ويتمّ ذلك عبر وابل متواصل من الإلهاءات والمعلومات التافهة. 

استراتيجية الإلهاء ضروريّة أيضا لمنع العامة من الاهتمام بالمعارف الضروريّة في ميادين مثل العلوم، الاقتصاد، علم النفس، بيولوجيا الأعصاب وعلم الحواسيب.

"حافظ على تشتّت اهتمامات العامة،بعيدا عن المشاكل الاجتماعية الحقيقية، واجعل هذه الاهتمامات موجهة نحو مواضيع ليست ذات أهمية حقيقيّة. اجعل الشعب منشغلا، منشغلا، منشغلا، دون أن يكون له أي وقت للتفكير، وحتى يعود للضيعة مع بقيّة الحيوانات"
(مقتطف من كتاب أسلحة صامتة لحروب هادئة).

ثانياً- ابتكار المشاكل.. ثم تقديم الحلول:

هذه الطريقة تسمّى أيضا "المشكل - ردّة الفعل - الحل". في الأول يتم إفتال مشكلا أو "موقفا" متوقــعا لإثارة ردّة فعل معيّنة من قبل الشعب، وحتى يطالب هذا الأخير بالإجراءات التي نريده أن يقبل بها. 

مثلا: ترك العنف الحضري يتنامى، أو تنظيم تفجيرات دامية، حتى يطالب الشعب بقوانين أمنية على حساب حرّيته، أو: افتعال أزمة مالية حتى يتمّ تقبّل التراجع على مستوى الحقوق الاجتماعية وتردّي الخدمات العمومية كشرّ لا بدّ منه.

ثالثاً- استراتيجيّة التدرّج:

لكي يتم قبول إجراء غير مقبول، يكفي أن يتمّ تطبيقه بصفة تدريجيّة، مثل أطياف اللون الواحد (من الفاتح إلى الغامق)، على فترة تدوم 10 سنوات مثلا، عبر نظرية الضفدع المقلي.

وقد تم اعتماد هذه الطريقة لفرض الظروف السوسيو-اقتصاديّة الجديدة بين الثمانينات والتسعينات من القرن السابق: بطالة شاملة، هشاشة، مرونة، تعاقد خارجي ورواتب لا تضمن العيش الكريم، وهي تغييرات كانت ستؤدّي إلى ثورة لو تمّ تطبيقها دفعة واحدة.

رابعاً- استراتيجيّة المؤجَّل:

وهي طريقة أخرى يتم الالتجاء إليها من أجل إكساب القرارات المكروهة القبول وحتّى يتمّ تقديمها كدواء "مؤلم ولكنّه ضروري"، ويكون ذلك بكسب موافقة الشعب في الحاضر على تطبيق شيء ما في المستقبل. قبول تضحية مستقبلية يكون دائما أسهل من قبول تضحية حينيّة. 

أوّلا لأن المجهود لن يتم بذله في الحين، وثانيا لأن الشعب له دائما ميل لأن يأمل بسذاجة أن "كل شيء سيكون أفضل في الغد"، وأنّه سيكون بإمكانه تفادي التّضحية المطلوبة في المستقبل. 

وأخيرا، يترك كلّ هذا الوقت للشعب حتى يتعوّد على فكرة التغيير ويقبلها باستسلام عندما يحين أوانها.

خامساً- مخاطبة الشعب كمجموعة أطفال صغار:

تستعمل غالبية الإعلانات الموجّهة لعامّة الشعب خطابا وحججا وشخصيات ونبرة ذات طابع طفولي، وكثيرا ما تقترب من مستوى التخلّف الذهني، وكأن المشاهد طفل صغير أو معوّق ذهنيّا. كلّما حاولنا مغالطة المشاهد، كلما زاد اعتمادنا على تلك النبرة. 

لماذا؟  لأنه "إذا خاطبنا شخصا كما لو كان طفلا في سن الثانية عشر، فستكون لدى هذا الشخص إجابة أو ردّة فعل مجرّدة من الحسّ النقدي بنفس الدرجة التي ستكون عليها ردّة فعل أو إجابة الطفل ذي الاثني عشر عاما". (مقتطف من كتاب أسلحة صامتة لحروب هادئة).

سادساً- استثارة العاطفة بدل الفكر:

استثارة العاطفة هي تقنية كلاسيكية تُستعمل لتعطيل التّحليل المنطقي، وبالتالي الحسّ النقدي للأشخاص. كما أنّ استعمال المفردات العاطفيّة يسمح بالمرور للاّوعي حتّى يتمّ زرعه بأفكار، رغبات، مخاوف، نزعات، أو سلوكيّات.

سابعاً- إبقاء الشّعب في حالة جهل وحماقة:

العمل بطريقة يكون خلالها الشعب غير قادر على استيعاب التكنولوجيات والطّرق المستعملة للتحكّم به واستعباده.

"يجب أن تكون نوعيّة التّعليم المقدّم للطبقات السّفلى هي النوعيّة الأفقر، بطريقة تبقى إثرها الهوّة المعرفيّة التي تعزل الطّبقات السّفلى عن العليا غير مفهومة من قبل الطّبقات السّفلى"
(مقتطف من كتاب أسلحة صامتة لحروب هادئة).

ثامناً- تشجيع الشّعب على استحسان الرّداءة:

تشجيع الشّعب على أن يجد أنّه من "العادي والمقبول" أن يكون غبيّا، همجيّا وجاهلا.  وترويضه للتطبيع مع الرداءة والتفاهة والاستهتار وعدم استهجان واستنكار كل ما يحط من قيمته الإنسانية.

تاسعاً- تعويض التمرّد بالإحساس بالذنب:

جعل الفرد يظنّ أنّه المسؤول الوحيد عن تعاسته، وأن سبب مسؤوليّته تلك هو نقص في ذكائه وقدراته أو مجهوداته. وهكذا، عوض أن يثور على النّظام الاقتصادي، يقوم بامتهان نفسه ويحس بالذنب، وهو ما يولّد دولة اكتئابية يكون أحد آثارها الانغلاق وتعطيل التحرّك. ودون تحرّك لا وجود للثورة!

عاشراً - معرفة الأفراد أكثر ممّا يعرفون أنفسهم:

خلال الخمسين سنة الماضية، حفرت التطوّرات العلميّة المذهلة هوّة لا تزال تتّسع بين المعارف العامّة وتلك التي تحتكرها وتستعملها النّخب الحاكمة. فبفضل علوم الأحياء، بيولوجيا الأعصاب وعلم النّفس التّطبيقي، توصّل "النّظام" إلى معرفة متقدّمة للكائن البشري، على الصّعيدين الفيزيائي والنّفسي.

من هو نعوم تشومسكي؟

نعوم تشومسكي
نعوم تشومسكي

نعوم تشومسكي Noam Chomsky هو فيلسوف أمريكي وأيضًا عالمٌ إدراكيٍ وعالمُ منطقٍ  ومؤرخ وناقد وناشط سياسي. يعمل تشومسكي أستاذًا فخريًا في اللسانيات في قسم اللسانيات والفلسفة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا التي عمل فيها لأكثر من 50 عام. 

كتب نعوم تشومسكي عن الحروب والسياسة ووسائل الإعلام وهو مؤلِّف لأكثر من 100 كتاب. وفقاً لقائمة الإحالات في الفن والعلوم الإنسانية لعام 1992، فقد استُشْهِدَ بتشومسكي مرجِعًا أكثر من أي عالم حي في الفترة الممتدة من 1980 حتى 1992، كما صُنف في المرتبة الثامنة لأكثر المراجع التي يُستشهَد بها على الإطلاق. 

ومن الأمور التي ركز عليها تشومسكي في الحقل السياسي كان تحليله لوسائل الإعلام الجماهيرية وخاصة تلك التي بالولايات المتحدة: بنيتها، وقيودها، ودورها المهم في دعم قطاع الأعمال ومصالح الحكومة.

 وفي كتابه «صناعة الإذعان: الاقتصاد السياسي لوسائل الإعلام الجماهيرية» والذي قام بكتابته مع ادوارد هيرمان يحلل الاثنان هذا الموضوع بعمق ويقدمان «نموذج الدعاية» أو البروباغندا لأخبار وسائل الإعلام مصحوبة بالعديد من دراسات الحالة التفصيلية الدالة عليه. 

ووفقاً لنموذج الدعاية هذا فإن المجتمعات الديموقراطية كالولايات المتحدة تقوم باستخدام وسائل خفية وغير عنيفة للسيطرة بعكس الأنظمة الاستبدادية والتي من الممكن استخدام القوة البدنية للضغط على عامة الشعب. وفي أحد مقولاته الشهيرة صرح نعوم تشومسكي:
 «أن الدعاية تمثل بالنسبة للأنظمة الديموقراطية ما تمثله العصا للأنظمة الاستبدادية»
 (من كتاب سيطرة الإعلام). (1)