قصة ومعنى المثل (وافق شنٌ طبقة)


- 09:00
قصة ومعنى المثل (وافق شنٌ طبقة)
قصة ومعنى المثل (وافق شنٌ طبقة)

هل تعلم من قائل وافق شن طبقة ؟ إن لكل مثل قصة ومعنى، وفي كل قصة عبرة لأصحاب الألباب، ومن تلك الأمثال نجد المثل العربي القديم وافق شنٌ طبقة، وهو مثل له دلالة ومعنى قل من يعرفه.

لذلك سنورد هنا قصة المثل وافق شنٌ طبقة، مع شرح معناه بالتفصيل، حتى تعرف من قائل وافق شن طبقة، قراءة ممتعة.

قصة المثل وافق شنٌ طبقة

(شنٌ) هو اسم رجل، كان يتسم بالدهاء والذكاء بين قومه، فعزم ذات يومٍ أن يسير باحثاً عن زوجة تجاريه في الذكاء والدهاء.

وفي طريقه تعرف إلى رجل من ذات البلاد التي يقصدها فرافقه، وعلى الطريق سأله شنٌ: "أتحملني أم أحملك؟" فاستعجب الرجل وأجابه: "يا جاهل، أنا راكبٌ وأنت راكب، فلمَ يحمل أحد منا الآخر!".

لم يفسر شن مقصده وتابعا المسير، فرأى شنٌ زرعاً حان وقت حصاده فتساءل: "ترى؛ هل أُكل هذا الزرع أم لم يؤكل؟"، فأجابه صاحبه: "ما أجهلك، تراه أمامك وتسأل إن كان قد أكل أم لم يؤكل؟!" فسكت شن عن جوابه.

بعد ذلك مرَّ الرجلان بجنازة، فسأل شنٌ صاحبه: "ترى أحيٌّ صاحب النعش أم ميت؟"، تعجب الرجل لجهل صاحبه وقال له: "ما رأيت أجهل منك، ترى جنازته وتسأل أحي هو أم ميت؟!".

فسكت شنٌ عن مبتغاه وأراد أن يفارق رفيق دربه، لكن الرجل أبى أن يترك رفيقه شنُ وألح عليه أن يرافقه إلى خيمته للغداء. وكان للرجل بنت تدعى طبقة.

ولما وافق شن على مرافقة صاحبه الى خيمته، بقي في الخارج يستريح، بينما دخل صاحب الخيمة الى ابنته طبقة وطلب منها ان تحمل كوبا من الماء للضيف، فقالت " أ ترضى يا أبتي أن أخرج لرجل غريب؟" فأجاب : "هذا يا ابنتي رجل بسيط، خفيف العقل، قليل الحيلة لا خوف منه و لا حرج". 

سكبت طبقة الماء في كوب فيه شق خفيف، وأخذته للضيف. وقد كانت طبقة ذات جمال، رغم "فلجة" بين اسنانها. فلما رآها شن شرب الماء وقال متغزلا بها تلميحا، وكأنه يقصد الماء أو الكوب، "ما أحلاها لولا ثلمة فيها". 

فخجلت البنت وعادت إلى أبيها قائلة "يا أبي ما هذا ببسيط و لا بقليل حيلة، وأنما متقد الذكاء وسريع البديهة! فما جعلك تقول غير ذلك ؟" عندئذ قصَّ عليها ما كان من شأن ضيفه وجهله، فأجابته:

"يا أبتِ ما هذا بجاهل، فأما قوله أتحملني أم أحملك يقصد فيه أتحدثني أم أحدثك في الطريق.

وأمَّا قوله عن الزرع إن كان قد أُكل أم لم يؤكل يقصد بذلك إن كان أصحابه باعوه وأكلوا ثمنه أم لم يبيعوه بعد، وأمّا سؤاله عن الميت إن كان حياً أم ميتاً فهو يسأل عن ذريته إن كان قد ترك من يحي ذكره بين الناس".

ولما أخبر الرجل ضيفه بتفسير أسئلته، قال له شن: "ما هذا كلامك، فمن قائله؟"، فأخبره عن ابنته طبقة، فوجد شنٌ بذلك ضالته فتزوجها، وقالت العرب وافق شنٌ طبقة. فصار هذا القول مثلا يتداوله الناس في كلامهم.

تفسير أخر للمثل

هناك تفسير أخر لهذا المثل العربي، حيث يقال أن الشن في العربية هي الذرة أو الكوز، وعندما يوضع في طبق مناسب يقال وافق شن طبقه (الهاء ضمير الغائب تقديره هو). على أي حال يبقى مدلول المثل هو نفسه في كلا الحالتين، ويقال فعلا عندما تتلاقى أفكار شخصين او عندما يجد الشخص شبيهه في الخصال.

ما معنى وافق شن طبقة؟

يقال هذا المثل عندما يتطابق انسان مع إنسيان اخر في صفة من الصفات، ويدل هذا المثل في الغالب على يتوافق شخصين في  الذكاء والنظرة والرأي وفي تحليل الأمو.

 ويوازي هذا المثل العربي القديم بالعامية المثل الشعبي "طنجرة ولقت غطاها"، وفي مصر يقال أيضا "حله ولاءت غطاه".

غير أن المثل وافق شن طبقة يدل علي توافق في الذكاء وسرعة البديهة، بينما المثل الشعبي طنجرة والقت مغطاها يدل علي الغباء او الخسة والنذالة للأسف.

وهذا المثل العربي القديم يؤكد أن اللغة العربية ثرية جدا و صعبة في آن واحد، وحتى نستطيع فهمها يجب ان نكون فرسان فيها، وفي القصة هذا المثل ظهرت فراسة شن وطبقة، حيث فسرت طبقة لأبيها ما صعب عليه فهمه من كلام ضيفه اثناء الرحلة، فوجد الضيف بهذا التفسير ضالته وسهل الله عليه المشوار. 

لقد تميزت الاعراب عن غيرها بفصاحة اللسان، والذكاء بين الاقران، والفطنة بمكان، فما احوجنا في هذا الزمان الى ذاك اللبيب الفهمان.