الانتحار في الإسلام
ليس على العبد نذر فيما لا يملك ولا عن المؤمن كقاتله ومن قذف مؤمنا بكفر فهو كقاتله ومن قتل نفسه بشيء عذبه الله بما قتل به نفسه يوم القيامة. (سنن الترمذي: 2636)
عواقب الانتحار في الإسلام
1- الحرمان من الجنة
كانَ برَجُلٍ جِراحٌ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فقالَ اللَّهُ: بَدَرَنِي عَبْدِي بنَفْسِهِ حَرَّمْتُ عليه الجَنَّةَالراوي : جندب بن عبدالله | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 1364
كانَ فِيمَن كانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ به جُرْحٌ، فَجَزِعَ، فأخَذَ سِكِّينًا فَحَزَّ بهَا يَدَهُ، فَما رَقَأَ الدَّمُ حتَّى مَاتَ، قالَ اللَّهُ تَعَالَى: بَادَرَنِي عَبْدِي بنَفْسِهِ، حَرَّمْتُ عليه الجَنَّةَ.الراوي : جندب بن عبدالله | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
2- العقاب في جهنم
"من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تحسى سما فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا". (صحيح البخاري).
وفي هذا الحَديثِ يروي أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قالَ: «مَن تَردَّى مِن جَبلٍ»، أيْ: وقع من فَوقِه مُتعَمِّدًا فمات، فَهوَ في نارِ جَهنَّمَ يَتردَّى فيها خالِدًا مُخلَّدًا أبدًا؛ جزاءً وِفاقًا لعَمَلِه.
«وَمَن تَحسَّى» أيْ: تَجرَّع أو شرب «سُمًّا فَقتَلَ نَفسَه» أيْ: تَعمَّدَ ذَلكَ، فسُمُّه في يَدهِ يَتَعاطاهُ ويَتجرَّعُه في نارِ جَهنَّمَ خالِدًا مُخلَّدًا فيها أبدًا.
«ومَنْ قَتلَ نَفسَه بحَديدَةٍ» أيْ: طَعَنَ نَفْسَه بسِلاحٍ أو غَيرِه، فَحَديدَتُه في يَدِه يَطْعُنُ بها في بَطنِه في نارِ جَهنَّمَ خالدًا مُخلَّدًا فيها أبدًا.
وقولُه: «خالِدًا مُخلَّدًا فيها أبدًا» مَحْمولٌ على مَن فَعَل ذلِك مُستحِلًّا له مع عِلْمِه بالتَّحريمِ، أو على أنَّه يَعْني طُولَ المُدَّةِ والإقامةِ التي يُخلَّدُ فيها قاتلُ نفْسِه إنْ أُنفِذَ عليه الوعيدُ، ولا يَعنِي خُلودَ الدَّوامِ؛ إذ قَتْلُ النَّفسِ -دونَ استِحلالٍ لذلك- هو ذَنبٌ وكبيرةٌ مِنَ الكبائِرِ، وليس كُفرًا مُخرِجًا مِنَ المِلَّةِ.
وفي الحَديثِ: الوَعيدُ الشَّديدُ لِمَن قَتَلَ نَفْسَه.
وفيه: أنَّ نَفْسَ العَبدِ ليست مِلكًا له؛ فليس له أن يتصَرَّفَ فيها بغيرِ إذنِ مالِكِها سُبحانَه وتعالى.
3- عدم صلاة الجنازة على المنتحر
عن جابر بن سمرة قال : أُتِي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قتل نفسه بمشاقص فلم يصل عليه . رواه مسلم ( 978 )
حكم الانتحار في الإسلام
الانتحار في الإسلام هو من أكبر الكبائر، وقد قال الله جل وعلا: وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا [النساء:29] وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا [النساء:30] وقال النبي ﷺ: من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة.فالانتحار من أقبح الكبائر، لكن عند أهل السنة والجماعة لا يكون كافراً إذا كان مسلماً يصلي معروفاً بالإسلام موحداً لله عز وجل مؤمناً به سبحانه وبما أخبر به، ولكنه انتحر لأسباب إما مرض شديد وإلا جراحات شديدة وإلا أشباه ذلك من الأعذار.فهذا الانتحار منكر وكبيرة من كبائر الذنوب ولكنه لا يخرج به من الإسلام، إذا كان مسلماً قبل ذلك لا يخرج بالانتحار من الإسلام بل يكون تحت مشيئة الله كسائر المعاصي، إن شاء الله عفا عنه وأدخله الجنة بإسلامه وتوحيده وإيمانه وإن شاء ربنا عذبه في النار على قدر الجريمة التي مات عليها وهي جريمة القتل، ثم بعد التطهير والتمحيص يخرجه الله من النار إلى الجنة.فينبغي لوالدته أن تدعو له كثيراً وأن ترحم عليه كثيراً، وتصدق عنه كثيراً لعل الله يلطف به ولعل الله يرحمه إذا كان مسلماً، أما إذا كان ليس بمسلم لا يصلي أو يستهزئ بالدين أو يعبد القبور ويتعلق بالأموات ويدعو الأموات ويستغيث بهم هذا لا يدعى له وليس بمسلم في الظاهر وأمره إلى الله، نسأل الله السلامة والعافية. المصدر.
نفهم من هذا الحكم أن الانتحار يعد معصية ومن كبائر الذنوب، ويكون قاتل نفسه عاصياً، ويعاقب في النار يوم القيامة، بسبب هذا الجرم الذي ارتكبه، ولا يخرج عن الإسلام بهذه المعصية، ولا يخلد في النار، قال الله تعالى: ﴿إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء﴾.
الروح والنفس ملك لله
ان الروح والنفس ملك لله، والحياة وهبها الله للإنسان، فليس له أن يستعجل الموت بإزهاق الروح؛ لأن ذلك تدخل فيما لا يملك، حفظ النفس أحد الكليات الخمس في الشرع الإسلامي، وتؤكد تعاليم الدين الإسلامي على أن الإنسان في هذه الحياة في مرحلة عابرة، وأن الحياة الحقيقية هي الحياة الاخرة التي يجازى فيها الإنسان يوم يقوم الناس لرب العالمين.
وأن هذه الحياة الدنيا فترة اختبار أي: دار امتحان وابتلاء، وعلى هذا الأساس فإن الإسلام يحث على الصبر على طاعة الله وفي مواجهة الحياة وما يعرض للإنسان من متاعب بروح الإيمان بالله واليوم الآخر، والتسليم لأمر الله وقدره، وعدم الجزع، ولا اليأس من رحمة الله، وأن الله يجازي العباد في الدار الآخرة، كما أن مفهوم الحرية الشخصية؛ لا يتجاوز حدود العبودية لله رب العالمين.
فالموت ليس خلاصا من الحياة، وهي لا تنتهي به، وعقوبة القاتل نفسه لا تتحقق إلا في الحياة الأخرة، إذ لا يمكن للناس معاقبة شخص ميت، كما أنه لا يعاقب أهل الميت بوزر لم يرتكبونه، وقاتل نفسه يتحمل وزر القتل، وما قد يترتب عليه من تعذيب نفسه، وإقلاق أسرته ومجتمعه، ولربما كانت وفاته سببا لتفويت حقوق والتزامات متعلقة بالآخرين.
وفي الحديث: «عن ثابت الضحاك قال: قال النبي ﷺ: ومن قتل نفسه بشيء عذب به في نار جهنم». قال ابن حجر: «ويؤخذ منه أن جناية الإنسان على نفسه كجنايته على غيره في الإثم لأن نفسه ليست ملكا له مطلقا بل هي لله تعالى فلا يتصرف فيها إلا بما أذن له فيه».
وفي الحديث: «عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "من قتل نفسه بحديدة؛ فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن شرب سما فقتل نفسه؛ فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه؛ فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا"».
والعذاب في الآخرة بمشيئة الله، فقد مرض رجل فجزع فقتل نفسه، وثبت فيه حديث: «فقال رسول الله ﷺ «اللهم وليديه فاغفر»».
قال النووي: «أن من قتل نفسه أو ارتكب معصية غيرها ومات من غير توبة فليس بكافر، ولا يقطع له بالنار، بل هو في حكم المشيئة». وهذا الحديث شرح للأحاديث الموهم ظاهرها تخليد قاتل النفس وغيره من أصحاب الكبائر في النار. وفيه إثبات عقوبة بعض أصحاب المعاصي. (1)
لماذا ينتحر الناس؟
مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حَزَن وَلاَ أَذًى وَلاَ غمٍّ، حتَّى الشَّوْكَةُ يُشَاكُها إِلاَّ كفَّر اللَّه بهَا مِنْ خطَايَاه. متفقٌ عَلَيهِ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ۚ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (سورة النساء - الآية 29)