هل المال يجلب السعادة؟


- 23:37
إن السؤال حول ما إذا كان المال حقا يجلب السعادة  ويجعل الناس أكثر سعادة لا يزال يطرح. ولكن هذه هي الفرضية المعروفة لحد الأن ، فما هو مدى صحتها يا ترى؟، وهل فعلا المال يجعل الناس سعداء؟ وهل المال يضمن السعادة؟. 

هل المال يجلب السعادة؟

هل المال يجلب السعادة
هل المال يجلب السعادة


ربما قمت بمشاهدة  سلسلة Citizen Kane حديثا ، أو ربما سمعت البديهية التي تقول أن المال لا يشتري السعادة. في كلتا الحالتين لا تتفاجأ بالدراسة التي أوضحت أن زيادة الدخل لا يجلب السعادة. 

النتائج التي أجراها باحثون في جامعة كولومبيا البريطانية، وجامعة ولاية ميشيغان لم تأتي بأي جديد : زيادة المال لا تزيد من سعادة الإنسان ولكن تخفض من الحزن فقط وتساعد على مواجهة ظروف الحياة.

” وجود المزيد من المال يوفر مزيدا من الخيارات للتعامل مع الشدائد “ هذا ما يشرحه الكتّاب الباحثون ريتشارد لوكاس، اليزابيث دون و كوستدين كوشلاف ” الأثرياء قد يتحكمون في أنفسهم أكثر من الفقراء و ذلك خلال  المواقف الصعبة. ” 

لذلك ، على سبيل المثال، تسرب في السقف قد  يكون مزعجا لبضعة أيام إذا كنت غنيا، ولكن  تدوم المحنة أشهرا طويلة والتي ترهقك  جسديا وماليا وعاطفيا إذا كنت  من الفقراء. هذا منطقي أليس كذلك ؟

المشكل : أجريت الكثير من دراسات لمعرفة العلاقة بين المال والسعادة  دون الإتيان بأي جديد. بعض الإقتصادين وجدوا علاقة طردية بين الإثنين. من الذي على حق ؟ هل طريق السعادة يقتضي المال؟ أم لا؟ من كل هذه النتائج المتناقضة ، يمكن استخلاص بعض النقاط . فيما يلي بعضها :

 المال يزيد من سعادة الإنسان في حالات معينة  :

المال والسعادة
المال والسعادة


قبل حوالي أربع سنوات، قدم الباحثون برينستون نتائج مع دراسة جديدة  تبين من  خلالها  أن  السعادة تزيد مع تقدم  الدخل حتى 75،000 $ ، في الآونة الأخيرة وجد  زوجان  باحثان من جامعة ميشيغان أنه في الواقع ، المزيد من المال يعني المزيد من السعادة.

في الواقع ، النتائج مختلفة .لكن  هذا التناقض الظاهري ينشأ من منطلق  هو أن الباحثين يستخدمون  تعريفات مختلفة للـ” السعادة”. على وجه التحديد ،دراسة برينستون في 2010   : الميدأ هو قياس ما يسمى السعادة اليومية  ( ” كيف كان يومك أمس؟ ” ) . 

في حين كانت  دراسة جامعة ميشيغان عن التقييمات الشاملة للرضا ( ” ما هو شعورك عن حياتك ؟”) و هذه كما ترون هي أسئلة مختلفة جدا ، وتكشف عن رؤى مختلفة. بينما تستخدم الدراسة  الحديثة أيضا ” مقياسا يوميا ”  لحساب السعادة ، بل و أبعد من ذلك من خلال طلب سرد كامل عن كل يوم، و الشعور خلال ثلاث نشاطات مختلفة .

يقول كوشلاف أن البحوثات الجديدة كشفت  أن ما بدى كأنه سعادة في دراسة برينستون يمكن وصفه بشكل أفضل غياب  الحزن. يقول  “عندما يتم استخدام مقياس للسعادة ، لا يمكن إيجاد  علاقة بين الدخل وبينها ” 

الاقتصادي دانيال كاهنمان الحائز على جائزة نوبل الذي شارك في دراسة برينستون عام 2010،  قال أن هذه النتائج الجديدة لا تقدم  له  الكثير لأنها  تقيس وجود الرضا – أو عدم وجوده ، من زاوية مختلفة.

 بعد كل شيء يتعلق الأمر بكيف ل 75،000 $ أن تكون سقف السعادة :” الصعوبات المالية تصبح  أصعب وأصعب عندما ينقص  دخلك إلى  عالم خمسة أرقام،  كما وجدنا أنه  نفس تأثير الفقر على السعادة “يقول كانيمان .

باختصار، يميل المال لجعلك أكثر سعادة في  حياتك بشكل عام لوقت معين فقط، على أقل تقدير، يخفف من الشعور بسوء الحظ.

 إذا كان المال لا يشتري السعادة، فالسعادة  قد تولد المال:

من المهم أن نتذكر أن ما نعرفه عن المال والسعادة لا يستند إلى العلم التجريبي. رجال الأعمال في أماكن التداول يكونون أفضل حالا مع التجارب البشرية و لكن الأكاديمية لا .. كما ثبت من هذا القبيل أن المال والسعادة مترابطين ولكن لا علاقة بينهما . معظم الباحثين في مجال المال و السعادة يعترفون أن  نتائجهم يمكن أن تفسر بطرق أخرى .

في الواقع، يفترض واضعو الدراسة الجديدة تفسيرا بديلا عن النتائج التي توصلوا إليها : ومن المحتمل أن لا تسبب قلة  المال مزيدا من الحزن ، ولكن  الحزن يسبب قلة  المال. يقول الباحثون  ” الناس الذين لديهم استعداد ليشعروا بالحزن يصعب عليهم الحفاظ على الجهد اللازم للعثور على وظيفة براتب أفضل.”

المال  والثراء لا يضمن السعادة:

المال والنساء
المال  لا يضمن السعادة


كما ذكر أعلاه،  لكل دراسة تمت  حول العلاقة بين المال والسعادة ، تنتج استثناءات . وفقا لدراسة ، 23  من الأثرياء يضغط عليهم الوضع المالي ناهيك عن القلق الذي يسيب الطبقة الوسطى والغنية إزاء ذلك، بل هناك حالات انتحار في صفوف الاثرياء.

ما يؤكد أن المال والثراء لا يضمن السعادة، التي يمكن الحصول عليها بطرق عدة، و تشمل  التركيز على استراتيجيات بسيطة للحصول على السعادة دون إشراك المال في ذلك .

في ما يلي بعض الأفكار التي يجب أخذها بعين الإعتبار : 
  • تشير الدراسات إلى أنه للحصول على مزيد من الرضا يستحسن إنفاق الأموال في التجارب كالعطلات بدلا من العتاد كأجهزة التلفاز، كما أن الإنفاق على الآخرين يولد في الواقع سعادة لا تحصل عليها بإنفاق الأموال على نفسك .
  • تشير البحوث إلى أن وضع الميزانيات لبناء الصلات الاجتماعية هي إستثمار السعادة  الأكثر ذكاء من إنفاق وجني الأموال.
  • إقراض أشيائك الخاصة يجعلك سعيدا في كل مرة تستعيدها .
  • من الأفضل عدم التركيز على المال الكثير. زيادة الأموال قد تكون لها فائدة واضحة ، لكن الإفراط في البحث عن مصادر للمال  يمنعك من التمتع بعدة  جوانب مهمة في حياتك.

 من المؤكد أنه من الأسهل بكثير أن تجد السعادة إذا تم تلبية احتياجاتك الأساسية. أجرى اثنان من الاقتصاديين الحائزين على جائزة نوبل دراسة شهيرة حيث وجدوا أن الأمريكيين يحسنون رفاههم العاطفي عن طريق كسب المزيد من المال حتى نقطة معينة - وتحديدًا راتب سنوي قدره 75000 دولار. علاوة على ذلك ، قد يشعر الناس بمزيد من الإنجاز ، لكنهم لا يجنون أي فوائد عاطفية من رواتبهم المرتفعة.

الخلاصة

المال لا يضمن السعادة إنما يساعد على التخفيف من مشاكل الحياة وييساعد على الاستمتاع بها، حيث تظهر البيانات أن معظم الناس يعتقدون أنه إذا كان بإمكانهم فقط الحصول على المال، أو منزل جديد ، أو سيارة جديدة ، أو حيازة مادية أخرى ، فسيكونون سعداء في النهاية. لكن ليس من المستغرب أن تظهر الدراسات أن الحصول على المال أو شراء الأشياء جديدة لا يضمن السعادة بالضرورة.