قصة عن الفلاح والأرض


- 08:19
لقد حولت المسلسلات والأفلام والمسرحيات وكل ما يمكن أن يؤثر في الناس من إعلام وغيره، الفلاح الذي يحرث الأرض الى شخص منبوذ. لقد زرعوا في عقولنا صورة الفلاّح المتعلق بارضه كإنسان جاهل ومتخلف وبعيد كل البعد عن الحضارة، لدرجة أن أصبح و صار فيها الشخص يخجل أن يقول أنا فلاّح أو ابن فلاح. وصار أغلب الشباب يرفض العمل بالأرض بسبب نظرة المجتمع المقرفة للفلاّح.

وبسبب هذا الاحتقار للفلاح تحولت الكثير من القرى والبوادي  من مناطق فلاحية زراعية يأكل سكانها ممّا يزرعون الى مناطق مهجورة او استهلاكية في احسن الأحوال، والجميع يحلموا ان يصبحوا تجار وموظفون أو أصحاب شركات.

 لا معنى للحياة إذا كنا نحتقر مهنة الفلاحة أو أي مهنة أخرى، ولا قيمة لأسواقنا اذا لم تكن في الأساس من زرعنا ومنتجات من انتاج وصنع أيدينا. وفي ما يلي قصة معبرة عن الفلاح والأرض وابنه والمغزى منها.

قصة جميلة عن الفلاح والأرض
قصة عن الفلاح والأرض

قصة جميلة عن الفلاح والأرض

أصبح أحمد فجأة لا يحب الاقتراب من المزرعة، كان والده يناديه في كل مرة كي يساعده في الحرث وفلاحة الأرض التي ورثها عن جده، كان يدعوه كي يعمل معه في الحقل الوحيد الذي يملكه دون الأشياء الكثيرة التي كان يتمنى أن يمتلكها أبيه. مثل: السيارة، المسبح، المتجر. لكن الأرض والحقل بالنسبة لأبيه أغلى من كل هذه الأشياء حاليا، كان يرغب بشدة تعليم ابنه الوحيد حرفة الأجداد كي يصبح فلاحا ومزارعاً مثله.

لكن أحمد أصبح يرفض العمل في الزراعة ولا يحب الغوص في التربة ولا يكترث لأرض أبيه ولا يرغب في حراثة الحقل الذي يحبه والده، في ذلك اليوم كان الطقس مشمساً اقرب لأيام الربيع الرائعة، انتبه الوالد أن أحمد ابنه البكر يلهو ولا يساعده في الزراعة حينها ناداه والده وقال له: يا ابني أحمد تعال هنا عندي، هيا نزرع سوية بعض أشتال الطماطم وبذور السبانخ والخس والبقدونس والجزر والبصل والبطاطس.

  • فقال أحمد: لا لا أريد أن اصبح  فلاحا مزارعاً مثلك ولا أحب الفلاحة والزراعة أريد أن أصبح طبيباً، سأتعلم مثل جارنا د خالد مهنة الطب. 
  • فقال الأب: جميل يا ولدي لكن المريض يحتاج أيضا للخضروات والفواكه كي يشفي من الأمراض، والطبيب يعالجنا أيضا بخلاصة هذه الخضروات والفواكه إذا مرضنا، والوقاية خير من العلاج.
  • فقال أحمد:  ماذا يعني ذلك هل الزراعة أفضل من الطب، وهل الخضار أفضل من الدواء؟
  •  فقال الأب: لكل شيء قيمته يا ابني إذا لم تتناول الخضر والفواكه فلن يشفيك الدواء وحده، وعليك أن تعرف أن للخضروات قدرة كبيرة على شفاءنا من الامراض.
  • فقال أحمد : سأذهب لأساله، دعني يا ابي أذهب إليه وأتعلم مهنة الطب شيئاً فشيئاً ثم سأساعدك في حال مرضك وأعالجك.
  • فقال الوالد: هداك الله يا ابني، ساعدني في الزراعة قبل أن تتعلم معالجة المرضى. فكل شيء يحتاج لوقت وانت لم تتعلم شيئاً عن الطب، فلكل مهنة أساليب ووسائل وطرق لتعلمها، ولها أوان حين نكون في بحاجتها، أنا الآن أحتاجك معي في المزرعة. دعك من الطب، فما زلت صغيراً الأن. أنت مناسب اكثر لتعلم مهنة الفلاحة والزراعة، فهي مهنة الأجداد ومهنة المجتهدين عبر التاريخ.

 لكن أحمد لم يقتنع وذهب إلى الطبيب خالد، واستأذن بالدخول عند باب العيادة ودخل بهدوء وصار يراقب عيادة الطبيب ومحتوياتها فوجدها تعج بالأطفال الذين أصيبوا بالحصبة وبأمراض الربيع المختلفة مثل الرمد والإسهال إلى الحمى والزكام وغيرها، وكانت العيادة مكتظة بالناس فقال أحمد : أيها الطبيب ! جئتك مساندا، هل تحتاج لمساعدتي أنا أريد أن أكون طبيبا مثلك.

  • فقال الطبيب: هل تستطيع إعطاء الحقن أو قياس الوزن أو تضميد الجراح ؟
  • فقال أحمد: بالطبع لا أستطيع الأن فأنا لم أتعلم ذلك من قبل.
  • فغضب الطبيب منه وقال له: أخرج من هنا جئت لتزعجني وليس لتساعدني أنا مشغول.
  • قال أحمد: أيها الطبيب أريد أن أصبح مثلك وتعلمني مهنة الطب.
  • قال له الطبيب بغضب: أغرب عن وجهي أنا لست معهدا ولا مدرسة هذه عيادة، اذهب وأكمل تعليمك وأدخل جامعة لتعلم الطب.

عاد أحمد توجم وجهه وكادت الدموع تذرف من عينية من الإحباط الذي اعتراه وشعر بالحزن الشديد. وأيقن أن والده أرحم بكثير من هذا الطبيب النكد المتوتر، وفي الطريق صادف شيخ كبير فقال له الشيخ: ما بك يا ابني. فقال له أحمد : لقد أهانني الطبيب ولا يريد أن يعلمني مهنة الطب وأنا لا أريد أن أصبح فلاحا محتقرا مثل أبي . فقال له الشيخ: العيب ليس في الفلاحة يا بني بل العيب في الناس الذين يحتقرونها، فأنا أيضا فلاح وأملك منزل كبير وحديقة ومسبح وسيارة ومزارع كثيرة وأبنائي مهندسون زراعيون ونحن نعيش سعداء جدا. فندم احمد لأنه ترك  والده وهو في حاجة لمن يساعد. فعاد مسرعاً إلى بيته يريد أن يفعل شيئاً كي يساعد والده في الزراعة وفلاحة الأرض.

 حمل أحمد الفأس الصغير وبعض حبات البطاطس والبصل وبذور السبانخ والقمح. وقال لوالده: يا أبي سامحني لقد عدت لأساعدك، سأزرع معك ما طلبته مني. وحين أكبر سأكمل تعليمي في المدرسة وأتخرج وادخل الجامعة لأدرس مهنة الزراعة سأصبح مهندساً زراعياً، . والطب سأتركه لأهله كل حسب ما يحبه ويستطيع تعلمه، سأبقى فلاحا مزارعاً مثلك يا ابي وأنا احبك كثيراً. فرح الوالد بابنه وضمه لصدره وقال له أنت فعلاً طفل ذكي.

العبر من قصة الفلاح والأرض

مزرعة جميلة

العبر من قصة الفلاح والأرض أنه في هذ الزمان يضع الناس الموظف والتاجر والطبيب وغيرهم في مرتبة اعلى ويحتقرون الفلاح ومهنة الفلاحة. بينما الفلاح ومهنة الفلاحة من افضل المهن  واشرفها مع احترام  جميع المهن والتخصصات الأخرى.

الفلاح في الواقع انسان ذكي شريف يأكل مما عملت يديه ويمارس مهنة شريفة لا تقل أهمية عن غيرها. ويجب علينا وضع الكل في مكانته المناسب. وتنبيه كل من ينظر الى الفلاح نظرة احتقار في المجتمع أنه على خطأ. والنظر الى الفلاّح كعامل أساسي مهم يستحق منّا كلّ الاحترام والتقدير. والعمل على رد الاعتبار والأولوية له ولكل من يعمل جاهدا على توفير الأمم الغذائي للمجتمع البشري. 

على الناس ان تعرف وتعي جيدا أن أي عمل شريف يطعمك الحلال  فهو مفخرة لك ولأسرتك ومجتمعك. والفلاح يسمى في المجتمعات المتحضرة بالجندي الأخضر. فلو لا هذا الفلاح لما كان هناك مصانع السكر والزيت و الجبن و الأدوية والمطاحن والمخابز غير ذلك  كثير. ومن واجب جميع الحكومات النهوض بالفلاح، حتى يكون في المكانة اللائقة به في المجتمع.