هل الايمان بجهنم يخفض الجرائم


- 03:26
 هل الايمان بجهنم يخفض الجرائم؟ الاعتقاد الشائع أن  الايمان بجهنم يخفض الجرائم  ويؤدي لتحجيم السلوكيات الغير اخلاقية في المجتمعات الانسانية.

 ولكن عندما يتعلق الامر بتوقع سلوكيات "المجرمين بالفطرة" نجد انه ليس وجود الدين على العموم الذي يحقق ذلك مع هؤلاء، وانما صرامة تطبيق القوانين الرادعة في المجتمع، وأن شكل الاعتقادات الدينية وبالذات خصوصية الاعتقاد لدى الفرد، تلعب الدور الحاسم فقط، في سلوكيات الناس الطبيعيين، حسب دراسة صدرت ونشرت عن University of Oregon psykolog ,in the Public Library of Science journal PLoS ONE.

جهنم

اشارت الدراسة الى أن الاعمال الاجرامية بصفة عامة لا تقل في المجتمعات التي سكانها من اتباع ديانات تتضمن عقوبات شديدة بالمقارنة مع المجتمعات التي يسكنها اتباع ديانات بعقائد أكثر رحمة. 

لكن، في البلدان التي يؤمن غالبية سكانها برحمة السماء أكثر منه بعقوبة الجحيم ، الاحتمال أكبر ان تكون نسبة الجرائم فيها أعلى من المجتمعات التي تكون فيه نسب توزع الاعتقادات متساوية. هذه المعطيات ظهرت أثر تحليل واسع النطاق على مدى 26 سنة وشمل 143197 شخص من 67 بلد.

عظيم شريف، البروفيسور في البسيكولوجيا ورئيس مختبر تحليل الثقافات والاخلاق يقول:" اهم النتائج هي التأكد أن مستوى اعتقاد الامة بجهنم يؤدي الى انخفاض الجريمة نسبيا في حين ان مستوى أعتقاد الامة بسماء رحيمة لا تؤدي الى مستوى جريمة اعلى، وهذه تأثيرات قوية". ويقول:" أعتقد أن هذه المعطيات تقدم لنا آثار قوية عن اختلاف التأثيرات التي تسببها اعتقاداتنا عن قوى فوق طبيعية بين ان تهدد بجهنم او تشملنا برحمتها. الاكتشاف يتطابق مع الابحاث المتحكم بها والتي جرت في المختبر ولكن هنا نرى كوامنها القوية" في العالم الواقعي " تأثيرها فعلا يؤثر على الانسان وعلاقته بالجريمة".

في العام السابق نشر عظيم شريف في مجلة بسيكولوجيا الاديان , in the International Journal for the Psychology of Religion, جاء فيه ان الطلاب قابلون للغش أكثر إذا كانوا يؤمنون بإله متسامح ورحيم أكثر مما هو شديد العقاب.

على العموم، يُنظر الى الاعتقادات الدينية على أنها ذات " بنية واحدة". ولكن عند تقسيم الاديان الى مجموعات على اساس بنيوية مختلفة، نبدأ في رؤية علاقات مختلفة. في هذه الدراسة وجدنا اختلافين كل منهما في اتجاه يتعارض مع الثاني ( يقصد التأثير المتناقض للرحمة والعقاب). إذا نظرنا الى الاعتقاد الديني على العموم تذوب هذه الاتجاهات المتعارضة ولن ترى اي شئ على الاطلاق. لن تجد اي رابط الى الدين"، يقول عظيم.

هذه الاضاءة الجديدة تتناسب مع جمع كبير من الادلة على أن عقوبات القوى المافوق طبيعية نشأت وتطورت كأكتشاف حضاري وثقافي فعال جدا من أجل حث السكان على التعامل بأخلاقية مع بعضهم البعض. عام 2003 تمكن الباحثون Robert J. Barro and Rachel M. McCleary من جامعة هارفارد من أكتشاف ان الناتج القومي أعلى في البلدان النامية التي يؤمن سكانها بسرعة الذهاب الى جهنم أكثر منه الى الجنة ( هل أخذوا في حسابهم ان غالبية هذه البلدان تعيش على مدخول النفط وليس العمل؟).

يقول عظيم شريف:" عقوبة القوى المافوق طبيعية الحائمة فوق الشعوب يبدو أنها تخفض نسبة الجريمة". " في هذه المرحلة نستطيع فقط افتراض الآلية، غير أنه من الممكن ان البشر الذين لايؤمنون بأمكانية العقوبة في الآخرة يشعرون أن بأستطاعتهم الافلات مع سلوكية لااخلاقية. هذا الامر أقل في حالة الخوف من الالهة".

غير أنه يضيف الى انه هذه المعطيات علائقية ومن الضروري اخذ الاستنتاجات بحذر. لذلك فأن عظيم شريف والباحث Mijke Rhemtulla من مركز مناهج البحث وتحليل المعطيات في جامعة كنساس حاولوا الوصول الى تفسيرات ممكنة اخرى، غير انه يحتاج الى المزيد من البحث للتأكد من صحة وجهات النظر الاخرى الممكنة.

معطيات الايمان بالجحيم والنعيم من مشاركين يؤمنون بالقيم العالمية والاوروبية وجرت عبر ازمان مختلفة مابين 1981 الى 2007. ومعطيات الجريمة جرى الحصول عليها من بيانات الامم المتحدة حول جرائم القتل والسرقة والاغتصاب والخطف والعنف والسرقة المسلحة وجرائم المخدرات والتجارة بالبشر. عوامل اخرى هامة مسائل مثل الدين السائد في الامة ( انواع المذاهب المسيحية والاسلامية) واختلاف الدخل ومتوسط الاعمار ومستوى تزايد اعداد السجناء.