قصة خيانة زوجة السلطان والعبرة منها


- 08:10
قصة خيانة زوجة السلطان - زوجة الملك والعبرة منها
قصة خيانة زوجة الملك والعبرة منها

قصة خيانة زوجة السلطان هي قصة قصيرة معبر جدا من التراث العربي، وتعلمنا هذه القصة الجميلة درسا مهما في الحياة والمجتمع وهو عدم التسرع في الحكم على الأمور، مثل الخيانة الزوجية، اعتمادا على ادعاءات ومزاعم الاخرين.

وإليك في ما يلي قصة خيانة زوجة السلطان والعبرة منها، ونرجو أن تستفيد منها وتستنج الحكمة منها، قراءة ممتعة: 

قصة خيانة زوجة السلطان 

يروى أن أحد السلاطين اشتكى لوزيره الأمين من كثرة الوشاة الكذابين في بلاطه، والذين يدفعون السلطان ليقضي بأحكام جائرة.. فطلب من وزيره أن يجد حلا لهذه المعضلة، فوعده الوزير خيرا.

وفي أحد الأيام غضب السلطان على زوجته السلطانة بسبب خطأ غير ارتكبته، فطردها من قصره، فكان أن التقى بها الوزير خارج القصر وهي في حالة يرثى لها، فطلب منها أن تنزل ضيفة عنده في بيته لدى زوجته معززة مكرمة، ففعلت ذلك.

وكان الوشاة يراقبون ما يجري، ففرحوا بذلك وخططوا للإيقاع بين السلطان وزوجته ووزيره بسبب هذه الحادثة.

وفي مساء نفس اليوم الذي طرد فيه السلطان زوجته، ذهب الوزير الى السلطان وبرفقته شخص غريب ملثم يرتدي ملابس الغلمان، وقال له الوزير: يا مولاي السلطان، أعزك الله وأدام سلطانك، إنك تعلم أني في خدمتك كوزير منذ عشرون عاما، أسألك بالله هل وجدت بي خطل أو زيغ في أرائي ومشورتي لك ؟

أجاب السلطان : معاذ الله .. ما وجدنا فيك إلا الخير والنصح والسداد .

فقال الوزير: أناشدك بالله يا مولاي .. هل طلبت منك يوما أو سألتك شيء لنفسي ؟

أجاب السلطان: لا أذكر أنك سألتني يوما عن شيء لنفسك، ولكن أذا كانت تلك المقدمة لتطلب مني أن أصفح عن السلطانة فأنسى الأمر.

فقال الوزير: لا يا مولاي، لست هنا لهذا الغرض، ولكن جئتك اليوم وأنا أسألك أن تتقبل مني هذه الهدية، وهي هذا الغلام المخلص الأمين الذي لم أر أذكى منه ولا أحسن، وقد أحببت أن أهديك إياه، فتقبله مني يا مولاي على عيبه.

فقال السلطان: وما عيبه ؟

قال الوزير: إنه يا سيدي أبكم ويغطي وجهه لندبة فيه فلا تطلب منه أن يرفع لثامه لأن الله تعالى جعل الوجه موضع عزة الرجل.

فقال السلطان:  قد قبلت هديتك، وسأجعله من ندمائي، فطب نفسا أيها الوزير فلن يفارق عيني.

وهكذا مكث الغلام في خدمة السلطان أحسن ما تكون الخدمة  قريبا منه لا يفارقه كل يوم ولا يخرج من القصر.

وبعد أسبوعين رق قلب السلطان على زوجته السلطانة، وحن إليها، فاراد استعادتها، فطلب من بعض حاشيته أن يستقصي أمرها.

فمثل بين يديه أربعة من أخلص أعوانه ومستشاريه وأخبروه أن زوجته مكثت في بيت الوزير منذ أن طردها السلطان.

فقال السلطان: نزلت ضيفة عند زوجته بلا شك.

وهنا قال احدهم: ليت الأمر كما تقول يا مولاي. لكنه أدهى وأمر!

نهض السلطان من عرشه وصاح : ويحكم .. ما الخطب؟

قالوا:  لقد ارتكب الوزير جريمة الزنا بحق مولاتنا السلطانة في بيته! ولقد شاهد أربعتنا ذلك بأعيننا ونحن على ذلك من الشاهدين والله على ما نقول وكيل.

انتفخت أوداج السلطان من الغضب وقال: وكيف شهدتم ذلك ؟

قالوا:  لقد دفعنا رشوة لجاريته لتدخلنا خلسة الى بيته عندما يشرع بالفعل الحرام.

ثارت ثائرة السلطان وأرسل في طلب وزيره،  فذهب اليه اثنان من الحرس وأخبروه أن السلطان يطلبه حالا. فسار الوزير معهم بكل وقار وسكينة فدهش الحارسان من هدوءه وقالا : إن السلطان يرعد ويزبد وما نظنه إلا قاتلك .. وها أنت ذاهب الى حتفك بكل هدوء !

ابتسم الوزير وقال: بسم الله الرحمن الرحيم " قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا" اعلما أن الملوك لو اجتمعت بكل جبروتها على أن يغيروا أمرا قد قدره الله عز وجل، فلن يكون إلا ما شاء الله.

ثم حانت لحظة المواجهة، فأقام السلطان ما يشبه المحاكمة في ساحة القصر، فاستدعى الشهود، ومثل السلطان دور قاضي القضاة، وفي المنتصف وقف الوزير المتهم.

قال السلطان: لقد شهد هؤلاء الأربعة الثقات قيامك بجريمة الزنا بحق السلطانة، وفي الشرع فأن قضية الزنا لا تقبل الشهادة إلا بأربعة عدول، وبما أنك محصن أي متزوج فقد حكمنا عليك بضرب عنقك بالسيف، ولن ينفعكما لا أنت ولا السلطانة الإنكار لوجود شهادة الأربعة.

قال الوزير: هل يأذن لي مولاي السلطان بالكلام ؟

فقال السلطان:  قد أذنا لك، تكلم.

التفت الوزير الى الشهود الأربعة وقال: هل تقسمون على أنكم شاهدتموني وأنا ارتكب الفعل المحرم بالسلطانة نفسها؟

قالوا : نعم شاهدناها بأعيننا هذه، أنت والسلطانة لا غيركما.

فقال الوزير:  في أي يوم رأيتمونا معا؟

فقالوا: لقد رأيناكما تفعلان ذلك مرتان خلال الأسبوعين الماضيين، مرة كل أسبوع .

وهنا التفت الوزير الى السلطان وقال: قد سمعت يا مولاي شهادة الشهود، وسمعتهم وهم يحلفون أنهم شاهدوني مع السلطانة في بيتي مرتين خلال الأسبوعين السابقين، وها أنا الآن أطلب إليك يا سيدي أن تزيل اللثام عن غلامك الأبكم !

التفت السلطان الى غلامه الذي يقف على يمينه وهو لا يفهم مغزى ذلك، لكنه عندما أماط اللثام عنه أصابته مفاجأة صاعقة!

فالغلام الذي رافقه كظله طوال الأسبوعين الفائتين لم يكن سوى زوجته السلطانة!

وقف الجميع مدهوشين حائرين أمام ما يجري.

ثم قال الوزير: تذكر يا مولاي أني وهبتك الغلام وهو زوجتك المتنكرة منذ أول يوم قمت بطردها من القصر، فأسألك بالله يا مولاي هل فارقتك لحظة ؟

أجاب السلطان : لا لم تفعل.

فقال الوزير:  فكيف إذن - بالله عليك يا مولاي - يزعم هؤلاء أنهم شاهدوني معها طوال الأسبوعين الماضيين؟

هنا خرست ألسنة الشهود ودحضت حجتهم بعد أن كانوا أصحاب اليد الطولى.

ثم واصل الوزير كلامه: لقد طلبت مني يا سيدي أن أخلصك من الوشاة الكذابين في حاشيتك، وقد وجد هؤلاء الوشاة في مبيت زوجتك في بيتي بعد طردك إياها مرتعا خصبا لأكاذيبهم وافتراءاتهم، ولكي أقطع عنهم مصدر البهتان، عمدت منذ أول يوم الى إعادة زوجتك إليك متنكرة لتخدمك بثوب الغلمان.

والأن قد بانت لديك - رعاك الله - شمس الحقيقة،  وبراءتي وزوجتك من التهمة براءة الذئب من دم يوسف،
واتضحت لديك نوايا القوم وخبث ما انطوت عليه سرائرهم .. والحمد لله أولا وآخرا.

فأمر السلطان بجلد الشهود الوشاة الكذابين ومن ثم رميهم في السجون لشهادتهم الزور، ثم اعتذر من زوجته ووزيره وشكره على حسن صنيعه وبراعة تدبيره.

العبرة من القصة 

العبرة من القصة هي ضرورة أخد الحيطة والحذر والتفكير وعدم التسرع في إلقاء التهم والحكم على الناس بمجرد سماع خبر ادعاء من أحدهم  حتى يتأكد الخبر ويتثبت من صدقه بالبراهين والأدلة الكاملة.

مصداقا لقول الله عزو وجل في سورة الحجرات: 
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ - الحجرات - الآية 6)

وهذا الإرشاد الإلهي يضفى الكثير من الأمان الاجتماعي وصفاء القلوب بين المؤمنين ويشيع الاطمئنان في المجتمع المسلم، فلا أخذ بالريبة ولا تسرع في إلصاق التهم ، وحتى لا يندم المؤمن ويتحسر على تسرعه في حق أخيه وتزداد الحسرة لو حدث من القطيعة أو الوفاة المفاجأة لصاحب الحق أو ما يحول بينه وبين تدارك الأمر والاعتذار.


وهذا أيضًا، من الآداب التي على أولي الألباب، التأدب بها واستعمالها، وهو أنه إذا أخبرهم فاسق بخبر أن يتثبتوا في خبره، ولا يأخذوه مجردًا، فإن في ذلك خطرًا كبيرًا، ووقوعًا في الإثم، فإن خبره إذا جعل بمنزلة خبر الصادق العدل، حكم بموجب ذلك ومقتضاه، فحصل من تلف النفوس والأموال، بغير حق، بسبب ذلك الخبر ما يكون سببًا للندامة.

 بل الواجب عند خبر الفاسق، التثبت والتبين، فإن دلت الدلائل والقرائن على صدقه، عمل به وصدق، وإن دلت على كذبه، كذب، ولم يعمل به، ففيه دليل، على أن خبر الصادق مقبول، وخبر الكاذب، مردود، وخبر الفاسق متوقف فيه كما ذكرنا، ولهذا كان السلف يقبلون روايات كثير من الخوارج، المعروفين بالصدق، ولو كانوا فساقًا.


ويأبى الله تبارك وتعالى إلا أن يجري المقادير بأمره، لا بأيدي خلقه، ولولا ذلك لفسد نظام الكون وانفرط كما تنفرط قلادة اللؤلؤ.