قصيدة حب قصيرة للحبيب مكتوبة |
هذه قصيدة حب قصيرة منتشرة على مواقع التوصل الاجتماعي وتُنسب للشاعر العربي الكبير أبو الطيب المتنبي، و تبدأ بالبيت الشعري التالي:
- أبلِغ عَزيزاً في ثنايا القلبِ مَنزله
- أني وإن كُنتُ لا ألقاهُ .. ألقاهُ
فهل هذه القصيدة هي فعلا للمتنبي؟ ومن هو قائلها؟.
في الحقيقة هذه القصيدة ليست للمتنبي، وليست من اشعاره، بل نسبوها له زعمًا أو ربما جهلا، وهناك تضارب في الأقوال فبعضهم من قال أنها لعليّ بن جهم القرشي ومنهم من قال أنّها للمتنبي، لكن المؤكد أنها ليست للمتنبي.
نص القصيدة كاملة
- أبلِغ عَزيزاً في ثنايا القلبِ مَنزله
- أني وإن كُنتُ لا ألقاهُ .. ألقاهُ
- وإن طرفي موصولٌ برؤيتهِ
- وإن تباعد عَن سُكناي .. سُكناهُ
- يا ليته يعلمُ أني لستُ أذكرهُ
- كيف أذكره إذ لست .. أنساه
- يامَن توَهّم أني لستُ أذكرهُ
- واللهُ يعلم أني لستُ .. أنساهُ
- إن غابَ عني فالروحُ مَسكنهُ
- مَن يسكنُ الروح كيف القلبُ .. ينساهُ ؟!
من القائل هذه القصيدة؟
يتساءل الكثير من الناس عن قصيدة أبلغ عزيزًا في ثنايا القلب منزله من القائل؟ وهذه هذه القصيدة ذات الأبيات الشعرية الرومانسية تتكرر على حائط عشرات الصفحات الأدبية على مواقع التواصل الاجتماعي وتُنسب للمتنبي بشكل "ببغائي" دون أي جهد و لو بسيط في تدقيق الكلام و الوزن و المعاني وصحة القصيدة.
المؤكد ان الأبيات الشعرية ليست للمتنبي (1) بدليل أنها غير مضبوطة الوزن مثل أوزان المتنبي، و حتى بلاغيا فهي ركيكة نسبيا، وتكرار كلمة انساه ثلاث مرات في ثلاثة أبيات متتالية هو خطأ لشاعر مبتدئ فكيف بالمتنبي!
مما يؤكد أن القصيدة هل من تأليف شخص هاوي من خلال تقليد بعض الابيات والاوزان الشعرية وإعادة صياغتها بألفاظ أخرى.
أصل القصيدة وحقيقتها
القصيدة هي تحريف وتقليد لأبيات شعرية تعود للشاعر علي بن الجهم، حيث يُذكر في كتاب «مفتاح غيب الجمع والوجود لصدر الدين القونوي وشرحه مصباح الأنس بين المعقول والمشهود للفناري» الذي ضبطه وصححه وعلق عليه الشيخ عاصم إبراهيم الكيالي «أحد ثلاثة أبيات للشاعر العباسي، علي بن الجهم بن بدر أبو الحسن من بني سامة من لؤي بن غالب. ولد سنة 188 هـ وتوفي سنة 249 هـ. والأبيات كاملة هي:
- أبلِغ أخانا تولى الله صُحبَتَهُ
- أني وإن كنتُ لا ألقاهُ ألقاهُ
- وأنَّ طَرفِي موصولٌ برؤيتهِ
- وإن تباعَدَ عن مَثوايَ مَثواهُ
- اللهُ يَعلمُ أني لستُ أذكُرُهُ
- وكيفَ أذكُرُهُ إذ لستُ أنساهُ
(الموسوعة الشعرية، المجمع الثقافي، أبو ظبي).
عموما يجب أن لا ننخدع بمشاعر الحب و الرومانسية التي تتسرب من هذه الأبيات والتي تعمينا عن تدقيقها رغم أنها تتفق مع الذائقة الأدبية لبعض الناس، والأغلب أنها خاطرة كتبها عاشق هاوي لحبيبته تعبيرا عن حبه لها، وليست للشاعر الكبير أبو الطيب المتنبي كما يزعمون.
وقد صرّح الممثل السوري ياسر العظمة في في خلقة بعنوان «المتنبي» في برنامجه الأسبوعي بتاريخ 12 أكتوبر (تشرين الأول) 2020، حيث انتقد نسبة القصيدة التي جاء فيها «أبلِغ عَزيزًا في ثنايا القلبِ مَنزله *** أنى وإن كُنتُ لا ألقاهُ ألقاهُ» إلى المتنبي.
موضحًا أنَّ «رأيي لن يعجب الكثيرين، فالقصيدة مكسورة والشعر فيها ركيك، والبناء ضعيف وأقل من عادي»، كما ذكر أنها من البحر البسيط، و«ومع ذلك فإنَّ الشطر الأول منه مكسور، والأصح أن يكون: "أبلغ عزيزًا ثنايا القلب منزله"»، كما أشار أنَّ «القصيدة مكسورة الأوزان بينما قوافي المتنبي محكمة، وفيها تكرار في الألفاظ مثل «أذكره» التي تكررت 3 مرات ولست أنساه 3 مرات أيضًا، في 4 أبيات! والمتعارف عليه بأن الشاعر لا يكرر لفظ القافية إلا بعد 7 أبيات».
حيث استبعد أن تكون هذه القصيدة للمتنبي، مستدلًا أنَّ «المتنبي معجزة الشعراء على مدى القرون» وأنه لا يكسر الأوزان ولا يستعمل قوافٍ لينةٍ معاصرة، وأنَّ عظمته تتمثل في قوافيه المحكمة وألفاظه القوية الجزلة، وروعة وجمال قصائده «فلا يمكن أن يكون كاتب هذه القصيدة الركيكة».
يُذكر أيضًا أنهُ لم يرد في «ديوان المتنبي» أو شروحه أي ذكرٍ لهذه القصيدة أو بيتٍ منها.
أنظر أيضا: أجمل أبيات الشعر التي قالها المتنبي.
أبلغ عزيزاً في ثنايا القلب منزله بالتشكيل
- أَبْلَغْ عَزِيزًا فِي ثَنَايَا اَلْقَلْبِ مَنْزِلَهُ
- أَنِّي وَإِنْ كُنْتُ لَا أَلْقَاهُ . . أَلْقَاهُ
- وَإِنَّ طَرَفَيْ مَوْصُولٍ بِرُؤْيَتِهِ
- وَانْ تَبَاعُدٌ عَنْ سَكَنَايَ . . سُكْنَاهُ
- يَا لَيْتَهُ يَعْلَمُ أَنِّي لَسْتُ أَذْكُرُهُ
- كَيْفَ أَذْكُرُهُ إِذْ لَسْتُ . . أَنْسَاهُ
- يَامِنْ تَوَهَّمَ أَنِّي لَسْتُ أَذْكُرُهُ
- وَاَللَّهَ يَعْلَمُ أَنِّي لَسْتُ . . أَنْسَاهُ
- أَنْ غَابَ عَنِّي فَالرُّوحِ مَسْكَنُهُ
- مِنْ يَسْكُنُ اَلرُّوحَ كَيْفَ اَلْقَلْبُ . . يَنْسَاهُ