قصة خرفان بانورج أو خروف بانورخ (mouton de Panurge) هي قصة قصيرة ومعبرة من التراث الفرنسي، تحمل في طياتها حكمة وفلسفة اجتماعية مهمة.
واليك في ما يلي نص قصة خرفان بانورج والعبرة منها ونرجو أن تستفيد منها، قراءة ممتعة:
قصة خرفان بانورج
روى الكاتب الفرنسي "فرانسوا رابلي" قصة رجل يدعى "بانورج" (Panurge) كان في رحلة بحريّة على متن سفينة. وكان على نفس السفينة تاجر الأغنام "دندونو" ومعه قطيع من الخرفان المنقولة بغرض بيعها.كان "دندونو" تاجرا جشعا لا يعرف معنى الرحمة، ووصفه الاديب الكبير رابليه (Rabelais) بأنه يمثل أسوأ ما في هذا العصر وهو غياب الإنسانية.حدث أن وقع شجار على سطح المركب بين "بانورج" والتاجر "دندونو" صمم على أثره "بانورج" أن ينتقم من التاجر الجشع "دندونو"، فقرّر "بانورج" شراء خروف من التاجر بسعر عال وسط سعادة دوندونو بالصفقة الرابحة.وفي مشهد غريب يمسك "بانورج" بالخروف من قرنيه ويجره بقوة إلى طرف السفينة ثم يلقي به إلى البحر، فما كان من أحد الخرفان إلاّ أنْ تبع خطى الخروف الغريق ليلقى مصيره، ليلحقه الثاني فالثالث فالرابع وسط ذهول التاجر وصدمته، ثم اصطفت الخرفان الباقية في "طابور مهيب" لتمارس دورها في القفز.جن جنون تاجر الأغنام "دندونو" وهو يحاول منع القطيع من القفز بالماء، لكنّ محاولاته كلها باءت بالفشل، فقد كان "إيمان" الخرفان بما يفعلونه على قدر من الرسوخ أكبر من أن يُقاوم.وبدافع قوي من الشجع اندفع "دندونو" للإمساك بآخر الخرفان الاحياء آملا في إنقاذه من مصيره المحتوم، إلّا أن الخروف "المؤمن" كان مصراً على الانسياق وراء الخرفان الأخرى، فكان أنْ سقط كلاهما في الماء ليموتا معا غرقا.ومن هذه القصة صار تعبير "خرفان بانورج" (moutons de Panurge) مصطلحا شائعا في اللغة الفرنسية ويعني انسياق الجماعة بلا وعي أو إرادة وراء آراء أو أفعال الآخرين الخاطئة التي ستقودهم الى الهلاك المحقق.
العبرة من قصة خرفان بانورج
العبرة من هذه القصة المعبرة هي أنه ليس هناك ما هو أخطر على أي شخص أو مجتمع ما من تنامي وانتشار روح وعقلية القطيع لديه، وأن الطمع والجشع يؤدي الى بصاحبه الى الهلاك.
وتشير عبارة "خروف بانورج" إلى الشخص الإمعة التابع لغيرة دون تفكير، أي الشخص الذي يقلد غيره دون طرح أسئلة، ويتبع بشكل غريزي ما يفعله العدد الأكبر ويندمج في حركة جماعية دون ممارسة روحه النقدية أو إظهار الذكاء المتوقع من الإنسان الفطري.
كثيرا ما تصادفنا في حياتنا الآن قطعان كاملة من "خرفان بانورج" تردد كلاما أو تفعل أفعالا لمجرد أنها سمعت أو رأت من يقوم بذلك. وهذا ما يشير إليه عالم النفس الفرنسي غوستاف لوبون في كتاب سيكولوجية الجماهير.