تجربتي مع استيراد الكتب من الخارج الى المغرب .. تجربة مريرة


- 01:53
تجربتي مع استيراد الكتب من الخارج الى المغرب .. تجربة مريرة
تجربتي مع استيراد الكتب من الخارج الى المغرب .. تجربة مريرة


هذه التجربة عاشها المدون المغربي محمد أعمروشا، ويتحدث هنا عن تجربته في استيراد الكتب من الخارج للأنشطة غير الربحية الى المغرب، والمعاناة التي واجهها مع وزارة الثقافة والاتصال المغربية من أجل ذلك.

تجربتي مع استيراد الكتب الى المغرب

"استيراد الكتب للأنشطة غير الربحية"؟ ما معنى هذا؟
حسنا، بتعبير أبسط: التواصل مع منظّمات خارج المغرب للحصول على موارد (في حالتنا اليوم: كتب) لاستخدامها في أنشطة غير ربحية في المغرب. (مثل توزيعها بشكل مجاني، جوائز لمسابقات ما، مكتبة عمومية وما جاور من الأنشطة غير الربحية)

حكاية كتب قادمة من إنجلترا الى المغرب:

استيراد الكتب من الخارج
استيراد الكتب من الخارج

كانت البداية من لندن، توصّلت شركة الشحن بالكتب، أقلّ من أربع ساعات بعدها كانت الكتب في مطار هيثرو. وكانت  5 دقائق بالضبط هو الوقت اللازم للتعامل مع الشحنة من طرف المكلّفين بالأمر هناك، بعدها بساعتين (لا زلنا في نفس اليوم)، غادرت الكتب لندن نحو باريس.

ظلّت الكتب بدون اهتمام ليوم كامل (كان يوم عطلة) في باريس، قبل أن يتم تحويلها للمغرب، بالضبط الدار البيضاء.

وصلت الكتب أخيرا للدار البيضاء صباح اليوم الموالي. وهنا تبدأ المأساة والمعاناة!

قبيل انتهاء الدوام اتصلت بي إحداهنّ تخبرني بالموضوع، قائلة: "لديك شحنة من الولايات المتحدة"، هممم، خير إن شاء الله! اكتشفت لاحقا أنّ المملكة المتحدة والولايات المتحدة سيان عندهم. ذكروا بأنّ الشحنة سيتم تحويلها للجمارك من أجل الاطلاع على محتواها، استغربت لم لا يقومون بهذا الأمر هنا في طنجة؟ لديهم جمارك هنا أيضا.

بعد يومين، تلقّيت اتصالا جديدا عن "ضرورة دفع مبلغ مالي لقاء تعشير الكتب، بحكم أنّني شركة"، يا سلام! من قال إنّني شركة؟ بعد ثرثرة طويلة استوعبوا (أو هكذا أظن) أنّ الكتب موجّهة لجمعية في شخصي أنا. طلبوا منّي "تصريحا من وزارة الثقافة" لإدخال هاته الكتب للمغرب.

تذكير: يومين هي المدّة التي احتاجتها الكتب للتنقل عبر ثلاث عواصم في قارتين، وهي نفس المدّة التي احتاجتها نفس الكتب للتنقل من المكتب أ إلى المكتب ب في نفس المبنى بالدار البيضاء!

تصريح وزارة الثقافة!

تصريح وزارة الثقافة! ويثرثرون في الإعلام كلّ يوم عن تقريب الإدارة للمواطن والإدارة الإلكترونية واللامركزية وهلمّ جرا من المصطلحات الرنانة.

للحصول على هذا التصريح حكاية، كان عليّ زيارة مندوب وزارة الثقافة بطنجة.. تلقّيت صفعة على وجهي حينما سمعت ردّه الذي لم أتوّقعه ولا حلما، صفعة مجازية طبعا! سأتجاوز هذه المرحلة احتراما لأحدهم.
عليّ تقديم بعض الوثائق عن الشحنة وما جاورها. 

عليّ تقديم نسخة من الكتاب المعني بالأمر وهنا تبدأ حكاية البيضة والدجاجة: لا يمكنك الحصول على ترخيص ما لم تطّلع الوزارة على الكتاب، لكن لا يمكنك الحصول على الكتاب ما لم تحصل على التصريح أيضا! يا لها من دائرة.

لحسن الحظ أملك نسخة من الكتاب، قدّمتها لهم لتجتاز اختبارات تحديد الهوية، هي إجراءات تطلّبت 7 أيام، وكانت لتأخذ أكثر من ذلك.

في انتظار الحصول على الترخيص، كان عليّ تعبئة ورقة هنا في طنجة، عن موافقتي المسبقة لتأدية أيّة مبالغ محتملة، مستحقّة علي، مقابل قيامهم بهاته الإجراءات.

في اليوم السابع، وقبل الحصول على الورقة تلك، كان عليّ تقديم "طلب" للحصول على الترخيص! لا بأس، أرسلت الورقة تلك للدار البيضاء.

أسبوع آخر لأتلقّى اتصالا طريفا من الدار البيضاء: "يلزمنا رقم سجلّك التجاري لتعشير الكتب"، ما هذا الغباء بحق الله؟ عليّ التوضيح مجدّدا: هاته الكتب مرسلة لجمعية وليس لشركة! كان جوابهم: "لا بأس، أرسل لنا طلبا بأنّك جمعية ولا تملك سجلّا تجاريا"!

وبالمناسبة، كلّما أتّصل بهم أجد شخصا مختلفا، أي عليّ شرح الحكاية من البداية. في إحدى المرات طلبوا منّي إسم الشخص الذي تعامل معي بادئ الأمر فأجبت أنّني لا أعرفه، كان تعقيبهم: "عليك أن تعرفه! 

كيف سنعرف الشخص الذي تكلّف بملفّك؟" تساءلت مع نفسي: أظنّني أتعامل مع شركة وليس مع أشخاص.. لاحقا عرفت أنّ الشخص المكلّف بملفي في عطلة، وبالتالي فقد انتقل الملف لشخص آخر، هذا الأخير يلزمه وقت للبحث عن ملفّي، أي 10 دقائق من الموسيقى المملة كلّما اتصلت بهم!

عن أي ملفات يتحدّث هؤلاء الأغبياء؟
أرسلت لهم طلبا آخر به تفاصيل إضافية، طبعا لست غبيا لأضيف جملة على سبيل: "الجمعية لا تملك سجلا تجاريا"، كان طلبا للجمارك عن تسهيل إدخال الكتب تلك، مع تذكيرهم بإرسالي سابقا لموافقة وزارة الثقافة على استيراد الكتب، وأنّها لفائدة جمعية غير ربحية وبلا بلا بلا.

يومين بعدها تلقّيت اتصالا: "لماذا أرسلت لنا الطلب ذاك؟ لقد طلبنا منك تصريح وزارة الثقافة"، أحسست أنّني عدت للمربع صفر.

صبر أيوب اختفى لحظتها.
بعد 27 يوما، وصلت الكتب لطنجة، وأخيرا! 27 يوما بين الدار البيضاء وطنجة، هي مدّة كافية لسفر الحلزون بين المدينتين.

مفاجآت جديدة في مكتبهم هنا بطنجة: يا عزيزي، عليك تأدية بعض المبالغ قبل الحصول على الكتب. مبلغ مالي نظير تأخّرك في سحب الإرسالية، ومبلغ مالي آخر مصاريف الشخص الذي تكلّف بالترانزيت في الدار البيضاء. لولا بعض الصبر + عدم تواجد Google Translate أمامي لأسمعتها "تبا لك" بجميع لغات العالم!

طبعا لكي أشتكي من المبلغ ذاك فعليّ الاتصال بمكتبهم بالدار البيضاء، وبمجرّد ما بدأت أشرح حكايتي حتى كان الجواب بكل صفاقة: "لقد أخبرناك مسبقا بهذه المصاريف، اتصلنا بك البارحة ووافقت"، كانت كذبة غير مقبولة. وبعد إصراري على عدم تلقّي أيّة مكالمة حصلت على وعد (وعد؟) بالبحث في الموضوع والاتصال بي لاحقا.

سويعة لأتلقى اتصالهم، صوت آخر مجدّدا: "ألم نتصل بك البارحة؟ بلا بلا بلا؟"، لا يا ---، لم يتّصل بي أحد، هل تملكون إثباتا ما؟ أخبروني عن خطأ ما وسيحاولون إيجاد حلّ للحكاية.

الحل كان: "بالنسبة لنا فالمبلغ ذاك مبرّر"، ثم: "اتصل بالرقم الفلاني لنقاش المسألة".

الرقم ذاك لا يجيب بالمناسبة.

المهم، خلاصة الأمر:

إذا أصابتك لا قدّر الله فورة نشاط زائد، نتيجة مشاهدة نشرة أخبار عن "اللامركزية الجهوية البطيخية"، أو نتيجة جرعة مبالغ فيها من القهوة، لا تفكّر في القيام ببعض اختصاصات وزارة الثقافة، على سبيل استيراد كتب لأنشطة غير ربحية! ستتعب يا عزيزي، وستندم على اليوم الذي أغواك فيه الشيطان بالموضوع! 

آه نسيت:

  • لم أكن أدري سابقا أنّ توصّلك بشحنة كتب من خارج المغرب يسمّى "استيرادا" يحتاج ل"طلب تسهيل استيراد"، كانت معلومة من وزارة الثقافة!
  • لديّ قصص أخرى مع الكتب ومكاتب البريد، لندعها للمستقبل.
  • وأخيرا: موضوع اليوم لا يعني أنني تبت وسأتراجع، بل سأحاول مستقبلا. شيء من "الغنان" المغربي، أي قمة العناد بالعربية الفصحى. (1)

 وزارة الثقافة والاتصال المغربية

للتواصل مع وزارة الثقافة والاتصال المغربية هذا عنوان مقرها وأرقام الهواتف والبريد الالكتروني  والموقع الرسمي للوزارة:
  • الشباب : شارع ابن سينا ​​- الرباط - 0537770419
  • الثقافة : 1 شارع غاندي - الرباط - 0537209400
  • التواصل : شارع علال الفاسي ، مدينة العرفان - الرباط - 0537774274
  • البريد الالكتروني: contact@mjcc.gov.ma
  • الموقع الرسمي: https://mjcc.gov.ma/ar