فلاسفة لم يتزوجوا وأسباب ذلك


- 11:10
الفلاسفة والحب.. لماذا لا يتزوج الفلاسفة؟
الفلاسفة والحب.. لماذا لا يتزوج الفلاسفة؟


ربما تساءلت يوما لماذا لا يتزوج الفلاسفة، أو لعلك لاحظت أن أغلب الفلاسفة كانوا عزابا كل حياتهم ولم يتزوجوا، ومنهم عبّر عن رفضه لفكرة الزواج أصلا، لكن رغم ذلك أكدوا على أهمية الحب في الحياة. 

فلاسفة لم يتزوجوا

الكثير من الفلاسفة لم يتزوجوا في حياتهم، بداية من الفيلسوف اليوناني هيراقليطس مرورا بالفيلسوف أفلاطون وصولا للفيلسوف رينيه ديكارت، وسبينوزا، وفريدريك نيتشه، وشوبنهاور، ولايبنتز، وڤولتير وباسكال، وسورين كيركغور، وإيمانويل كانط، وجان جاك روسو، وجون لوك، وآدم سميث، و توماس هوبز، و ديفيد هيوم، والمستنير الهندي أوشو، وغيرهم الكثير من الفلاسفة. 

 تزوج جان جاك روسو في النهاية من حبيبته تيريز ليفاسور، لكنه تخلى عن مسؤلية الزواج لسبب مجهول، ورغم ان جل الفلاسفة الأخرين مروا بتجارب عاطفية تكللت معظمها بالفشل الذريع، كنهم لم يتزوجوا في حياتهم، فديكارت كانت له علاقة مع خادمته ومع عشيقات أخرى، لكنه لم يتزوج بأي امرأة منهن في حياته.

والفيلسوف جون جاك روسو الملهوف فقد عاش طيلة حياته مع امرأة لا يحبها، وأحب امرأة لم يعش معها يوما واحدا، وعاش عازبا حتى موته.

 وأما الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط  فلم يكن في أي علاقة؛ ربما كان قد عشق إحدى الفتيات لكنه فضل الانغماس في بحثه الفلسفي عوض الخوض في العلاقة المنتهية قبل أن تبدأ.

 أما الفيلسوف نيتشه فقد خاض تجربة خادعة مع حبيبته سالومي التي أقامت عاقة صداقة اخرى مع فرويد.

أما الفيلسوف سبينوزا فقد أحب فتاة جميلة، فلما تقدم لها بعرض الزواج رفضته عائلتها و زوجوها لشخص آخر، و قصص أخرى كثيرة للفلاسفة لا تبحث فيها عن النهاية السعيدة.

لماذا لا يتزوج الفلاسفة؟

يقول الفيلسوف نيتشه: "ينتهي الفيلسوف بإنجابه لأول ولد" 

وقد نظر أفلاطون إلى مؤسسة الزواج فقط كوسيلة للإنجاب وتأسيس الأسرة. ولم يعتقد أبدًا أن الحب ضروري للزواج.

لقد جعل هؤلاء الفلاسفة من أولوياتهم البحث والعمل على مشاريع فكرية لفهم العالم والإنسان والطبيعة والوجود، و من هنا كرسوا حياتهم للمعرفة والعلم وانغمسوا في التفكير، وبذلك تخلوا العلاقات العاطفية التي  قد تشغلهم عن عملهم.

لقد رأى الفلاسفة في الزواج مسؤولية عظمى قد تصرفهم عن التفكير، وذلك ينبعث من المشاكل المرافقة للزواج والأولاد و المصاريف والمشاكل العائلية الخ.

لذلك ابتعدوا عن هذه الأمور وتفرغوا للمسؤولية الفكرية، والتي تنضوي تحت مهمة الارتقاء بالبشرية وإعطاء إضاءات علمية كفيلة بأن تنقدنا من ظلمات الجهل، وبالفعل توفقوا في ذلك الى حد كبير. 

قال كارل ماركس (وهو متزوج): 
"من يريد أن يتصدى للقضايا العامة ويتحمل مسؤولية جسيمة لا ينبغي عليه أن يتزوج وينجب". 


وقد جادل الفيلسوف جان بول سارتر بأن قبول رأي الآخرين حول الطريقة التي يجب أن تعيش بها ينطوي على نوع من خداع الذات الذي وصفه بسوء النية. 

لم يكن جان بول سارتر صديقًا للمعايير البرجوازية السائدة في عصره، فقد جادل بأن كل واحد منا مسؤول عن خيارات حياته الخاصة. ولا ينبغي للفرد الحر أن يقفل نفسه في علاقة قد تصبح قفصًا غير مريح، ثم يتخلص من المفتاح، وبذلك يفقد حريته الحقيقية. ويوضح أنه كي  تكون حراً يعني أن تتمتع بإمكانية تغيير نمط حياتك، وإعادة تعريف نفسك، وقلب تصورات الآخرين لما يجب أن تكون عليه. 

الفلاسفة والحب

الفلاسفة
الفلاسفة والحب

يقول الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه:
"إن الفيلسوف الحقيقي يرفض الزواج ويتهرب منه بكل هلع ورعب .. وينتهي الفيلسوف بإنجابه لأول ولد". 
ربما شعر فريدريك نيتشه بخيبة أمل، لكنه لا يتفاجأ، عندما يلاحظ أن البشر مهووسين بالأفعال التي ترمز إلى الحب. كان نيتشه يرى أن الحب يمكن أن يكون غريزة "أكثر ملائكية" و "أعظم محفز للحياة". ولكن في كثير من الأحيان، يظهر الحب كرغبة جشعة في التملك، وهو سبب الصراع عندما يترجم الى زواج. لهذا ربما رفض نيتشه الزواج التقليدي من أساسه.

لماذا؟ لأن الزواج والانشغال بالحب، يقف في طريق الفيلسوف كعقبة كأداء بل ومهلكة تمنعه من التفكير الفلسفي العميق والتركيز القوي للوصول الى الحقيقية وقمة الفكر والإبداع، وهو ما حدث للفيلسوف اليوناني سقراط الذي عانى كثيرا بعد الزواج.

وقد حدد الفيلسوف الأمريكي المعاصر إريك شويتزغيبل ما يسميه تناقضًا في الارتباط بين الحب الزواج: الوعد بالحب مدى الحياة، مع الاعتراف بأن الحياة والحب لا يمكن التنبؤ بهما، يبدو وكأنه خطوة محفوفة بالمخاطر عند الزواج.

بالنسبة لسارتر، فرحة الحب هي عندما نشعر بالأمان والقبول في علاقتنا بعضنا البعض ونجد معنى حياتنا في الشخص الآخر ومن خلاله. المشكلة هي أن هذا مجرد وهم. لا يوجد شيء آمن على الإطلاق في الحب الرومانسي. نظرًا لأن العشاق أحرار في اختيار أن يكونوا في علاقة، فإنهم أيضًا أحرار في المغادرة لأي سبب، وهذا يجعل الحب ضعيفًا دائمًا. 

وفقًا لسارتر، فإن هذا يدفع العشاق إلى دوائر مفرغة من ألعاب القوة السادية-مازوخية. فالزوجان يحاولان السيطرة على بعضهم البعض والمطالبة بنوع الحيازة باسم الحب. والنتيجة هي أن العشاق ينتهي بهم الأمر بمحاولة سلب حريتهم من بعضهم البعض دون تحقيق الامتلاك الكامل الذي يشتهونه بعد ذلك، ولهذا يستنتج سارتر أن الحب هو صراع.

ان الفلاسفة ليسوا كالشعراء، صحيح انهم أحبوا وعشقوا مثل غيرهم من البشر، لكنهم لم يندموا ولم يكتبوا قصائد شوق ورثاء لأنهم فشلوا في العلاقات العاطفية، بل تقبلوا الأمر ببرودة دم. 

لماذا ؟ لأن الشعراء يرجحون العاطفة على العقل دائما، بينما الفلاسفة ينتصرون للعقل عوض العاطفة ولهم رؤية أعمق للحياة والوجود.