قصة جميلة عن حسن النية والحسد والمكر والعبرة منها


- 01:17
قصة جميلة عن حسن النية والحسد والمكر
قصة جميلة عن حسن النية والحسد والمكر والعبرة منها


في هذه الصفحة بموقع معهد تطوير الذات ستجد قصة جميلة عن حسن النية مع الضغينة والمكر والحسد والعبرة منها، وهي قصة قصيرة من التراث العربي القديم، تجسد حرفيا المثل العربي المأثور "من حفر حفرة لأخيه وقع فيها"، نرجو أن تنال هذه القصة المعبرة إعجابك وتستفيد منها، قراءة ممتعة.

قصة عن حسن النية و المكر والضغينة والحسد

كان هناك ساقي يبيع الماء للناس في الاسواق وكان معرف باخلاقه الطيبة وطرائفه وحسن نيته، وكان إسمه بشير، وكان  يتجول بجرته الطينية في الأسواق. وقد أحبه كل الناس لحسن خلقه ولنظافته.

ذات يوم سمع الملك بهذا الساقي اللطيف فقال لوزيره : اذهب و أحضر لي بشير الساقي الى القصر.
ذهب الوزير ليبحث عنه في الأسواق إلى أن وجده وأتى به الملك.

قال الملك لبشير : من اليوم فصاعدا لا عمل لك خارج هذا القصر، ستعمل هنا في قصري تسقي ضيوفي وتجلس بجانبي تحكي لي طرائفك التي اشتهرت بها.

قال بشير: السمع والطاعة لك مولاي.
عاد بشير إلى زوجته يبشرها بالخبر السعيد وبالغنى القادم، وفي الغد لبس أحسن ما عنده وغسل جرته وملأها بالماء العذب وقصد قصر الملك.

دخل بشير الى الديوان الذي كان مليئا بالضيوف وبدأ بتوزيع الماء العذب البارد عليهم، وكان حين ينتهي يجلس بجانب الملك ليحكي له الحكايات والطرائف المضحكة، وفي نهاية اليوم يقبض ثمن عمله ويغادر إلى بيته سعيدا.

بقي الحال على ما هو عليه مدة من الزمن، إلى أن جاء يوم شعر فيه الوزير بالحسد والغيرة من بشير بسبب المكانة العظيمة التي احتلها بقلب الملك، وفكّر في ان يدبر له مكيدة ليبعده عن الملك.

وفي الغد حين كان الساقي بشير عائدا إلى بيته تبعه الوزير وقال له : يا بشير إن الملك يشتكي من رائحة فمك الكريهة.

تفاجأ الساقي وسأله بحسن نية: وماذا أفعل حتى لا أؤذيه برائحة فمي؟
فقال الوزير: عليك أن تضع لثاما حول فمك عندما تأتي إلى القصر.
قال بشير بحسن نيه : حسنا سأفعل.

وعندما أشرق الصباح وضع بشير لثاما حول فمه وحمل جرته واتجه إلى القصر كعادته. فاستغرب الملك منه ذلك، لكنه لم يعلق عليه في تلك اللحظة، واستمر بشير واضعا اللثام طوال النهار إلى أن جاء المساء فسأل الملك وزيره عن سبب وضع بشير للثام؟

فقال الوزير: أخاف يا سيدي إن أخبرتك قطعت رأسي.
فقال الملك: لك مني الأمان فقل ما عندك.
قال الوزير: لقد اشتكى بشير الساقي من رائحة فمك الكريهة يا سيدي.

غضب الملك وانزعج بشدة مما سمع وذهب عند زوجته فأخبرها بالخبر.
فقالت: من سولت له نفسه قول هذا الكلام المهين عن الملك يجب أن يعاقب  عقابا شديدا ويكون عبرة لكل من سولت له نفسه إهانة الملك والانتقاص منه.
قال لها : ونعم الرأي.

وفي الغد استدعى الملك الجلاد وقال له: من رأيته خرج من باب قصري حاملا جبّة من الحرير فخده الى السجن مغمض العينين وعذبه عذابا شديدا لمدة أسبوع كامل وخد أنت تلك الجبة هدية لك.

وحضر الساقي كعادته في الصباح وقام بتوزيع الماء وحين حانت لحظة ذهابه أعطاه الملك جبّة من الحرير هدية له، وعندما هم بالخروج إلتقى الساقي بالوزير في باحة القصر فقال له الوزير: من أعطاك هذه الجبّة؟

قال بشير: إنه الملك يا سيدي. 
فقال له الوزير أعطني إياه أنا أحق بها منك.!
فأعطاه الساقي الجبّة وانصرف الى بيته.
وعندما خرج الوزير من باب القصر رآه الجلاد حاملا الجبّة فأخده الى السجن وبدأ في تعذيبه وأخد الجبة منه.

وفي الغد حضر الساقي بشير كعادته دائما ملثّماً حاملا جرته وبدأ بتوزيع الماء على الحاضرين.
استغرب الملك رؤيته لظنه أنه في السجن يُعذب، فنادى عليه وسأله: ما حكايتك مع هذا اللثام؟
قال بشير: لقد أخبرني وزيرك يا سيدي أنك تشتكي من رائحة فمي الكريهة وأمرني بوضع لثام على فمي كي لا تتأذى.
سأله مرة أخرى: وأين جبّة الحرير التي أعطيتك؟
قال بشير: أخذها مني وزيرك يوم أمس غصبا فقد قال أنه هو أحق بها مني.
فابتسم الملك وقال: حقا هو أحق بها منك وحسن النية مع الضغينة والمكر لا تلتقيان.

العبرة من القصة

العبرة من القصة واضحة وضوح الشمس في السماء، وهي أن مكائد الحسود تعود عليه، ومن حفر حفرة لأخية وقع فيها، وإذا وضعت مصيدة للآخرين، فسوف تعلق بها بنفسك أولا.

 لهذا دعونا لا نحسد الاخرين ولا نتآمر عليهم، لئلا نؤذي أنفسنا ولا نظلمها في الدنيا والأخرة، مصداقا لقول الله عز وجل في سورة الأنعام:  (مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُۥ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ۖ وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَىٰٓ إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ). 

وهناك قصة أخرى قديمة يصب معناها في نفس السياق  تروي كيف أن بيريليوس، مخترع الثور النحاسي الذي كان سيُحرق فيه السجناء المساكين أحياء، قد أُجبر بنفسه على إثبات فعالية اختراعه من قبل الطاغية فالاريس.