قصة الملك ومفسري الاحلام والحكمة منها


- 23:15
قصة الملك مع مفسري الاحلام  هي قصة قصيرة رائعة جدا، وتتضمن هذه القصة الجميلة حمكة بليغة، وتبين لنا أهمية البلاغة في الكلام.

لأن الإنسان حينما يمتلك البلاغة يستطيع إيصال المعنى إلى المستمع بإيجاز وحكمة ويؤثر عليه أيضا تأثيرا عظيما، فالبلاغة لها أهمية في إلقاء الخطب والمحاضرات والإقناع. وقد وصفها النبي محمد صل الله عليه وسلم في حديث له حين قال: «إن من البيانِ لسِحرًا.» رواه البخاري.

ونعرض لك في ما يلي قصة الملك ومفسري الاحلام والحكمة منها، ونرجوا أن تستنتج منها بنفسك الحكمة البليغة، قراءة ممتعة:

قصة الملك مع مفسري الاحلام 

قصة الملك مع مفسري الاحلام
قصة الملك ومفسري الاحلام والحكمة منها

في قديم الزمان كان يعيش ملك عظيم ذو مال وجاه، وذات ليلة رأى في منامهِ أنّ كلَّ أسنانه قد تكسَّرت وسقطت، فأمرَ بحضور كل مفسِّري الأحلام في البلد ليقفوا بين يديه، وحكى لهم الحُلُم الغريب كما كان! وطلب منهم تفسيره.

فقال المُفسِّرُ الأول: أمتأكدٌ أنتَ مما تقول يا مولاي؟ 
قال الملكُ : نعم.
فقالَ له المفسِّرُ: هذا معناهُ أنَّ كلَّ أهلكَ سيموتونَ قبلك!
فغضبَ الملك وتغيَّرَ وجههُ وأمر على الفور بسجن هذا المفسر!

ثم جاء بمفسِّرٍ أخرَ وقصَّ عليه  الحُلُم، فقال له المفسر الثاني نفس كلام المفسر الأول.
فما كان من الملك إلاّ أن سجنَهُ أيضا!

بعد ذلك جاؤوهُ بمفسِّرٍ ثالثٍ للرؤى والأحلام، لكنهُ كان يملك فن البلاغة وأكثر وعياً وأبعدَ إدراكاً وفهماً، فلمّا قصَّ عليه الملكُ الحلُمَ كما هو.

قال المفسِّرُ: إن كان كما تقولُ يا مولاي، فهنيئاً لكَ هذا الحُلُمَ الجميل!
تعجَّبَ الملك وسأله: لماذا؟!
فقال المفسِّرُ مسروراً مزهوّاً: تأويلُ حُلُمِكَ يا سيدي أنّكَ ستكونُ أطولَ أهلكَ عُمراً!! وسيمدُّ اللهُ لكَ في عُمُرك وملكك سنين طويلة!.

ففرح الملكُ وأكرمه وأجزلَ لهُ في العطاء! 

الحكمة من القصة

الحكمة من القصة واضحة جدا، فكما نرى رُغم أنَّ كلام المفسّرينَ الثلاثةِ يَصُبُّ في نفس المعنى تماماً، وهو أنّ أهلَ الملكِ سيموتونَ جميعُهُم أولاً قبل الملك، ما يعني أنّهُ سيكونَ أطولَهم عمراً!!

إلاَّ أنَّ المفسر الثالث إمتاز عن الاخرين بفن البلاغة والبيان، فكان لكلامه تأثير إيجابي قوي في نفس الملك.

ما يؤكد أن طريقةَ إيصالِ المعنى  للآخرينَ تختلفُ من شخصٍ لآخرَ، وأن الإقناع والتاُير في الناس يتطلب البلاغة والحكمةِ واللباقة.

فأحسنوا اختيار ما تقولون وطريقة قوله! فقد تكونُ كلماتكم صادقة وواقعيّة ولكنها لم تلقَ الطريقة الصحيحة لحملها للآخرين بحكمة وبلاغة.

وقد صدق رسول الله صل الله عليه وسلم لما قال: «إن من البيانِ لسِحرًا
والمراد بالبيان هنا حسب تفسير الشيوخ (اجتماع الفَصَاحة والبَلَاغة وذكاء القلب مع اللِّسان، وإنَّما شُبِّه بالسِّحر لحِدَّة عمله في سامعه، وسرعة قبول القلب له، يُضْرب في استحسان المنطق، وإيراد الحجَّة البالغة).