شرح معنى حاطب ليل


- 02:17
حاطب ليل
شرح معنى المثل العربي شرح معنى حاطب ليل


حاطب ليل مثل عربي قديم ورد في التراث العربي والإسلامي، ويضرب هذا المثل للدلالة على سلوك الانسان غير الحكيم، لكن هذه الجملة بحكم التركيب والمجاز خرجت عن معناها الأصلي؛ إذ هي كناية عَمَّن يجمع الدُرر والبَعَر، أو يخلط الكلام الحَسَن بالقبيح على التشبيه له بحاطب الليل الذي لا يُبْصِر ما يجمعه فيخلط بين الجيِّد والرديء.
قال الشاعر:
إذا قُلْتَ فاعلم ما تقول ولا تكنْ
كحاطب ليل يجمع الدّق والجزلا

فهذا القول جرى مجرى المثل، وصار تعبيرا اصطلاحيّا شاع استعماله بين الناس وأصبح مؤثِّرا في النفوس لما فيه من التشبيه البليغ.

معنى حاطب ليل

حاطب الليل هو جامع الحطب في الظلام، والعرب كنوا به عمن يجمع الخزف والصدف والدرة والبعرة، أو عمن يأتي في كلامه بكل ما يهجس به خاطره من حسن وقبيح على التشبيه له بحاطب الليل الذي لا يبصر ما يجمعه في حبله ليلا في الظلام، فيخلط الجيد والرديء.

 وفي بعض الروايات هو كناية عمن يهذر في كلامه ويكثر منه فيوقعه كلامه في السوء، ذكر ذلك الجرجاني في (الكنايات) قال: قال أكثم بن صيفي (جاهلي) المكثار كحاطب ليل، وإنما قال ذلك لأنه ربما نهشته الحية ولسعته العقرب في احتطابه ليلا، وكذلك المكثار ربما أصابه إكثاره ببعض ما يكره. 

وأصل عبارة حاطب ليل هذا المثلٌ العربي، هو الانسان الذي يحتطب ليلًا يأخذ عودًا من هنا، وعودًا من هناك، ويجمع أعوادًا من هنالك وبينها ثعبان فليدغه أو عقرب فلتسعه، فيصير حتفه في حطبه.

ومعناه الآن: من يجمع من المعلومات الغثة والسمينة، تجده ينقض نفسه بنفسه ولا يفكر في محصوله، فيأتي بالمعلومة الفذة، ثم يتبعها بالمعلومة الفجة، بل قد تراه يدخل في الدين ويخرج منه وهو لا يعلم، ولربما أورد كلامًا سبّب موته.


معنى حاطِبُ لَيْلٍ في القاموس العربي:

حاطِبُ لَيْلٍ : 
أَيْ يَتَكَلَّمُ بِكُلِّ ما يَمُرُّ بِخاطِرِهِ.
فلانٌ حاطِبُ ليل:
يتكلّمُ بالغَثّ والسمِين، أو يجني على نفسه لعدم تَفقّدِ أمرِه وكلامِهِ.


 ويضرب المثل لمن يجمع القصص والحكايات والأقوال صحيحها وسقيمها، جيدها وضعيفها بعض أقواله موثقة وبعضها لا يوجد له ما يؤكده.

وقد ورد المثل في جمهرة الأمثال للعسكري "كحاطب ليل يضرب مثلاً للرجل يجمع كل شيء، ولا يميز الجيد من الردي.. والحاطب: الذي يجمع الحطب، وصناعته: الحطابة، وإذا حطب بالليل جمع في حبله الحيّة والعقرب.." انتهى.

حاطب ليل في التراث الإسلامي

قال ابن عيينه
قال لي عبد الكريم الجزري : يا أبا محمد، تدري ما حاطب ليل؟
قلت: لا، إلا أن تخبرنيه،
قال: هو الرجل يخرج من الليل فيحتطب، فتقع يده على أفعى فتقتله. هذا مثل ضربته لك لطالب العلم ، إن طالب العلم إذا حمل مِن العلم ما لا يطيقه، قتله علمه، كما قتلت الأفعى حاطب ليل.
أخرجه البغوي في الجعديات
رقم:(1048) بإسناد صحيح

من كتاب: تحرير علوم الحديث… للشيخ/عبد الله الجديع

معنى حاطب ليل في الادب العربي

  • جاء في كتاب العين انه يقال للمخلط في كلامه وأمره: حاطب ليل، مثلا له لأنه لا يتفقد كلامه كحاطب الليل لا يبصر ما يجمع في حبله من رديء وجيد.
  • وجاء في تاج العروس: وقال الأزهري: شبه الجاني على نفسه بلسانه بحاطب الليل، لأنه إذا حطب ليلا ربما وقعت يده على أفعى فنهشته، وكذلك الذي لا يزم لسانه ويهجو الناس ويذمهم ربما كان ذلك سببا لحتفه. وفي أمثال أبي عبيد: (المكثار حاطب ليل) وأول من قاله أكثم بن صيفي، أورده الميداني في حرف الميم، والثعالبي في المضاف والمنسوب.
  • قال سليمان بن موسى: الذي يأخذ كل ما سمع ذاك حاطب ليل. تاريخ دمشق لابن عساكر .
  • وقال ابن سعد في الطبقات الكبرى : أخبرنا مطرف بن عبد الله، قال قال رجل لمالك: "قد سمعت مائة ألف حديث". فقال مالك: "مائة ألف حديث! أنت حاطب ليل تجمع القشعة" فقال: "ما القشعة ؟ " قال: "الحطب يجمعه الإنسان بالليل، فربما أخذ معه أفعى فتنهشه".
  • قال في نصيحة أهل الحديث (ص: 32) أخبرنا أحمد بن أبي جعفر القطيعي أنا علي بن عبد العزيز البردعي نا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال في كتابي عن الربيع بن سليمان قال سمعت الشافعي وذكر من يحمل العلم جزافا فقال هذا مثل حاطب ليل يقطع حزمة حطب فيحملها ولعل فيها أفعى فتلدغه وهو لا يدري قال الربيع يعني الذين لا يسألون عن الحجة من أين .
  • وفي المدخل إلى كتاب الإكليل (ص: 28) سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب يقول سمعت الربيع بن سليمان يقول سمعت الشافعي يقول : مثل الذي يطلب العلم بلا حجة مثل حاطب ليل يحمل حطب فيها أفعى تلدغه وهو لا يدري .
  • قال ابن عبد البر في جامع بيان العلم (1/ 327) : قال سليمان بن موسى : " يجلس إلى العالم ثلاثة : رجل يأخذ كل ما يسمع فذلك حاطب ليل، ورجل لا يكتب ويسمع فيقال له جليس العالم، ورجل ينتقي وهو خيرهم"، وقال مرة أخرى : «وذلك العالم» . قال ابن عبد البر : العرب تضرب المثل بحاطب الليل للذي يجمع كل ما يسمع من غث وسمين، وصحيح وسقيم، وباطل وحق؛ لأن المحتطب بالليل ربما ضم أفعى فنهشته وهو يحسبها من الحطب.
  • وقال الذهبي : قال يحيى بن يوسف الزمي: حدثنا ابن عيينة: قال لي عبد الكريم الجوزي: يا أبا محمد، تدري ما حاطب ليل؟ قلت: لا. قال: هو الرجل يخرج في الليل، فيحتطب، فيضع يده على أفعى، فتقتله، هذا مثل ضربته لك لطالب العلم، أنه إذا حمل من العلم ما لا يطيقه، قتله علمه، كما قتلت الأفعى حاطب الليل. سير أعلام النبلاء (5/ 272) .

بعض الأمثلة لمن قيل فيه حاطب ليل :

  • قال أبو خليد عتبة بن حماد قال سألني سعيد بن عبد العزيز ما الغالب على علم سعيد بن بشير قال قلت له التفسير قال خذ عنه التفسير ودع ما سوى ذلك فإنه كان حاطب ليل . تاريخ دمشق (21/ 28) .
  • قال الذهبي: الأهوازي أبو علي الحسن بن علي بن إبراهيم بن يزداد كان رأسا في القراءات، معمرا، بعيد الصيت، صاحب حديث ورحلة وإكثار، وليس بالمتقن له، ولا المجود، بل هو حاطب ليل، ومع إمامته في القراءات فقد تكلم فيه وفي دعاويه تلك الأسانيد العالية. سير أعلام النبلاء (18/ 13) .
  • وقال ابن تيمية ... ثم علماء الجمهور متفقون على أن الثعلبي وأمثاله يروون الصحيح والضعيف، ومتفقون على أن مجرد روايته لا توجب اتباع ذلك. ولهذا يقولون في الثعلبي وأمثاله: إنه حاطب ليل يروي ما وجد، سواء كان صحيحا أو سقيما. فتفسيره وإن كان غالب الأحاديث التي فيه صحيحة، ففيه ما هو كذب موضوع باتفاق أهل العلم. منهاج السنة النبوية (7/ 90) .