الفرق بين الفيلسوف و المفكر العادي


- 20:48

يمكن الى حد كبير أن نجزم بأن كل فيلسوف هو مفكر .. إلا أنه في المقابل لا يمكننا أن نجزم بأن كل مفكر هو فيلسوف.. مع أن كل مفكر عظيم هو بالضرورة مثقف .. لكن الفيلسوف أكثر شمولية بكثير من المفكر الذي يتقيد في الغالب بالمألوف و المحلية و بالأطر المشروطة لفكرة موجودة مسبقا  كي يفهمها أو يفسرها.

الفرق بين الفيلسوف و المفكر العادي 
المفكر العادي لا يفكر إلا في اطار المألوف  خشية  أن يكون مجنوناً في نظر الناس  فلا يقبل الاتهام بالجنون  مثل الفيلسوف  أو أن يتحرر من القيود التي يتحرر منها الفيلسوف الأكثر حرية منه والأقل انتفاعاً منه من افكاره لخروجه عن الأطر والقوانين .. فهو المادي والجدلي والوجودي والصوفي والطبيعي .. وبالرغم من أن هناك شهادة تمنح لدارسي الفلسفة إلا أنه حتى هؤلاء من الصعب أن نطلق عليهم لقب الفلاسفة بمجرد حصولهم على هذه الشهادة .. لأن الفلسفة أثبتت أنها ليست بالضرورة نتاج شهادات أكاديمية. بل نتاج موهبة و تفكير فلسفي عميق .

لهذه الأسباب فإننا لا نستطيع أن نمنح لقب فيلسوف إلا لمن يثبت لنا بما لا يدع لنا مجالاً للشك بأنه كذلك بالفعل.
الفيلسوف يحمل نظرة كونية وعالمية وخاصة بكل البشر .. بينما المفكرون في الغالب فإن مشاريعهم الفكرية منحصرة بالأقطار التي يعيشون بها فقط .. فلا يهتم بها الاجنبي في الغالب لعدم اكتراثه بالمضمون ما لم يكن متخصصا .
الميزة الاساسية للفيلسوف 
الميزة الاساسية للفيلسوف هو انه لا يميز بين البشر طالما أنه في تعريفه طالب للحكمة و الحقيقة .. والحكمة و الحقيقة هبة للبشر جميعاً لا لجماعة دون أخرى .. وهو لا يحصر كتابته وأفكاره في مناطق جغرافية معينة كما هو الحال مع المفكر الذي لا يتجاوز ثقافة البيئة التي ينتمي إليها  في الغالب.. فإن كانت عربية كتب للعرب .. وإن كانت أيديولوجيا كتب في الايديولوجيا. بل الفيلسوف يطلق العنان لتفكيره العميق متحررا من كل القيود و المألوفات و المسلمات و البديهيات السائدة في مجتمعه .

لا نستطيع إذن  أن نقول عن كل مفكر بأنه فيلسوف .. فالمفكر لقب شمولي على كل من يستخدم ذكاءه وتفكيره النقدي بطريقة مهنية أو حتى شخصية .. فالأديب مفكر والمؤرخ مفكر والمبدع مفكر .. وهكذا فإن طه حسين يعد مفكراً من هذه الناحية لوجود مضامين فكرية في كتاباته وكذلك العقاد وتوفيق الحكيم على سبيل المثال.

ولكن الفيلسوف ليس لقبه هو الشمولي وإنما فكره لأنه يطرح من خلاله سؤاله عن الانسان و الوجود  الذي هو أبو المسائل .. ولا يطرح أسئلة جزئية وضيقة كالمفكر العادي .