أحقر و أخبث أنواع النكت .


- 08:55

أحقر و أخبث أنواع النكت ..

لا تظن  الموضوع  لطرح و جمع نوع معين من النكت  .. لا لا الموضوع ليس كذلك .. بل هو لنقد نوع حقير و خبيث من النكت  ..هي نكت تبدوا في ظاهرها للاضحاك و التسلية لكنها في باطنها و في عمقها تزرع قناعات زائفة في لاواعي متلقيها خصوصا  الاطفال و المراهقين و حتى بعض الكبار .

  نوع  النكت المعني هنا الذي اعتبره احقر و اخبث انواع النكت هو النوع  الذي يتّخد  شعب ما أو قوم ما مادة للتندر و التنكيت حيت  ينسب لهم  نوع  من السلبيات و العيوب او المثالب ويكرس ذلك  .. فتجد السوداني يتّصف فيها بالكسل و البلاهة  و  اليهودي بالخبث و الغدر  و الامازيغي  بالبخل و السذاجة و الكوردي بالجبن و الغباء  و الصعيدي بالتوحش و الجلافة و المصلاوي بالشح و الغباء ..الخ ، و الطريف اكثر تجد بعض النكات الاجنبية أو  النكات القديمة في التراث التي كانت تنسب لشخصيات خيالية في الاصل كجحا و غيره يعاد تحوريها باستبدال شخصياتها الخيالية بافراد هذه الشعوب تحديدا كل حسب الدور ..و كأن محوّروا هذه النكت  هم ملائكة نورانيين  تخلوا شعوبهم من المثالب !!!

ما اريد توضيحه هنا هو ان هذا النوع من  النكت يبدوا في ظاهره بريئا غايته الاضحاك و التسللية لكنه في الحقيقة يتسلل  لا شعوريا  الى العقل الباطني للمتلقي ليستقرهناك  كقناعة زائفة لا محالة لتظهر  آثارها  في السلوك و التعامل  لاحقا.. و كل من شاهد بعض الافلام و المسلسلات و السكيتشات العربية الحديثة مثلا  يقف بجلاء على آثار و افرازات هذه القناعات الزائفة  التي غرست  في لاواعي المخرج  او كاتب السناريو مثلا حيت تُعطى الادوار بالتطابق مع هذه القناعات الزائفة .. و كل من يتابع تعاليق و نقاشات و جدالات شعوب و اقوام الشرق الاوسط و شمال افريقيا على الانترنت  يقف بجلاء امام آثار هذة القناعة الزائفة في مواقف و كلام المتجادلين  و المعلقين .

و الحقيقة هذا النوع من النكت  و التندّر  في الاصل منبعه الحقد و الكراهية و وهم التفوق لدى أقوام تجاه اقوام اخرى ..غايتها تشويه الاخر  و إدلاله و تحقيره ..و هي نوع من الدم غير المباشر ..و هذا كله هو الدافع اللاشعوري في الاساس لتأليفها  و ليس للاضحاك و التسلية المحض .( أقول الدافع لتأليفها أما من يعيد نشرها بعد سماعها   او قراءتها فقد تكون نيته بريئة طبعا و غايته الاضحاك و التسلية  لا غير) ..

فتجد مثلا كل النكت التي تنسب الغباء  للكورد ألّفها عرب  عراقيون بينما الواقع قد يكون الكورد أذكى من العرب و من مؤلفي هذه النكت قاطبة ..و تجد النكت التي تنسب الكسل للسودانيين ألّفها خليجيون  بينما الواقع قد يكون  الخلجيون أنفسهم أكثر كسلا من السودانيين .. وتجد النكت التي تنسب الغباء و البخل للامازيغ ألّفها  مستعربو شمال افريقيا بينما الواقع قد يكون  غير ذلك تماما بل و الحقيقة هؤلاء المستعربين هم انفسهم امازيغ استعربوا  يتوهمون انفسهم عرب عباقرة و أثرياء أسخياء  يوزعون الاموال الطائلة  ذات اليمين و ذات الشمال .. وكذلك نجد كل النكات التي تنسب الخبث و الغدر لليهود ألفها العرب و الفلسطينيون بينما الواقع غير ذلك و قد لن تجد من هو أكثر خبثا و غدرا من هؤلاء  العرب مؤلفي هذه النكت انفسهم .

أعرف انه قد ينبرى أحد المعلقين معترضا قائلا لا يا اخي انك تبالغ و هذه النكت ليست كذلك بل هي بريئة  و غايتها الاضحاك و التسلية فقط و هؤلاء الاقوام هم كذلك ..الخ . و قد تكون حجته في ذلك   أنه لو لم تكن هذه الاقوام كذلك ما ظهرت هذه النكات أصلا و لماذا هم بالذات و ليس غيرهم ..الخ من المنطق العامي الساذج المفعم بالمغالطات ..و لهؤلاء اقول أن العقل البشري المؤدلج لا يرى الاشياء كما هي في الحقيقة و الواقع بل كما يريد و يتمى أن تكون  .


فرجاءً عزيزي القارئ  كف عن المساهمة في نشر هذا النوع من النكات الحقيرة فأنت باعادة نشرك لها  تساهم في غرس قناعات زائفة في لاواعي المتلقي  و في  الاساءة لهذه الشعوب البريئة من حيث لا تشعر  اكثر بكثير مما تعتقد انك تعمل لاجل  اضحاك و تسلية غيرك .