شرح خدعة الإرتكاز الوهمي وكيف ينخدع بها الناس دون شعور


- 07:17
في موضوعنا التوعوي لهذا الاسبوع بمعهد تطوير الذات، سنتناول عرض وشرح أحد أكبر الخدع التي تعتمدها الشركات والمتاجر الكبرى في التسويق وغيره، والتي يقع جل الناس ضحية لها، وهي خدعة الارتكاز الوهمي anchoring-effect، التي ينخدع بها الكثير من الناس حين اتخاد القرارات المختلفة في الحياة أيضا.

 فالناس عموما لما تقرر فانها لا شعوريا تحاول ايجاد نقطة مرجعية أو مرتكز تحاول من خلاله ان تقارن بين الاختيارات وبين الفائدة العائدة من كل اختيار وبالتالي اتخاذ القرار. لكن احيانا تتخد قرارات بناءً على مرتكزات وهمية، لكون الناس في الغالب حين تتخد القرارات تتخدها لأسباب نفسية وعاطفية وليس لأسباب عقلية ومنطقية.

ما هي خدعة الارتكاز الوهمي؟

ظاهرة الارتكاز الوهمي وخدع المتاجر الكبرى في التسويق
خدعة الإرتكاز الوهمي وكيف ينخدع بها الناس دون شعور


شرح خدعة الإرتكاز الوهمي وكيف ينخدع بها الناس دون شعور

في ما يلي نقدم مثالين بسيطين لشرح خدعة الارتكاز الوهمي وكيف ينخدع بها الكثير من الناس من حيث لا تشعر،  وهي خدعة تتفنن  المتاجر الكبرى بممارستها في التسويق بالاعتماد على التخفيضات الوهمية الزائفة.

حيث تعتمد الكثير من المتاجر الكبرى خدعة الارتكاز الوهمي كنوع من الخداع النفسي للزبون لدفعه للشراء، اعتمادا على قاعدة نفسية  مفادها أن الناس تشتري لاسباب نفسية وليس لاسباب منطقية .

 ✅ 1 ـ المثال  الاول :

انت تفكر بشراء حذاء جلدي، وفي أحد الأيام حين عودتك الى البيت وفي الطريق رأيت متجرا يعرض حذاء أعجبك تصميمه ولحسن الحظ في المدينة يوجد متجرين يعرضان الحذاء ولحسن الحظ  أيضا احدهم عمل تنزيلات على سعر الحذاء المطلوب. وكانت الاسعار المعروضة كالآتي:

1- المتجر الأول : فقط وضع سعر الحذاء 100 دولار . 
2- المتجر الثاني: وضع السعر الجديد 100 دولار ، و كتب فوقه "السعر القديم" 200 دولار مشطوبا عليه بالاحمر .

من اي متجر ستشتري؟ من الاول او الثاني؟ 
غالبية الناس ستختار المتجر الثاني دون تردد لان فيه نسبة تخفيض مهمة ! وهذا هو ما يسمى ظاهرة الارتكاز الوهمي، الغالبية ستشتري من المحل الثاني لأن نسبة التخفيض فيه أكبر !.

لكن ما هو القرار الصحيح ؟

قد يظن البعض الان ان الشراء من المتجر الأول هو القرار الصحيح ! 
لكن حتى هذا الخيار ايضا في هذه الحالة غير صحيح ، لماذا ؟

تخيل ان قيمة الحذاء  الحقيقية قد لا تزيد عن 90 دولار. والان كلا المتجرين كانا يبيعان الحذاء بأكثر من قيمته الحقيقية سواءً قبل او بعد التنزيلات الوهمية.

أما القرار الصائب هو البحث والتحري عن السعر الحقيقي في السوق (وهي الطريقة الصحيحة لاتخاذ قرار الشراء)، ولكن لانك غافل عن تقدير قيمة الحذاء الحقيقية  فانك تلجأ لا شعوريا الى البحث عن نقطة ارتكاز وهي هنا تعتمد على السعر السابق الوهمي .

فالبائعين الاذكياء يدركون هذا الامر جيدا . في الحقيقة لم نضع مثال سعر الحذاء  الجلدي اعتباطا بل لان هناك متاجر كبرى تستخدم  هذه الخدعة في بيع بضائها الراكدة او في المنافسة !.

وفي الحقيقة فانت تجد الكثير من مواقع النت مثلا فيها مثل هذا النوع من الاستغلال لنفسية الانسان. ستجد دائما: السعر السابق مشطوب بالاحمر وجنبه سعر جديد. انت لكونك لاتعرف قيمة السلعة فان مقدار التنزيل سيخدعك وسيجذبك.

الكثير يستسلم لإغراء الشراء حين يقرأ تنزيلات بمقدار 50% ! بالضبط مثلما تفعل كل المتاجر الضخمة لما تسوّق البضاعة الراكدة عبر اعلان التنزيلات الوهمية التي تجعل الناس تشتري أشياء حتى دون حاجتها الأساسية لذلك، فقط لان البائع وضع خصم مزعوم وهمي مقداره 50% !!!

 ✅ 2 ـ المثال الثاني : 

هذا المثال لشكل اخر من اشكال الارتكاز الوهمي في أمور اخرى غير السعر.
تخيل أنك تفكر بشراء سيارة مستعملة. وجدت سيارتين مستعملتين من نفس النوع والماركة وسنة الانتاج ولكن:
1- السيارة الاولى: بسعر 3000 دولار ، وعدّاد المسافات يشير الى انها قطعت 100 ألف كيلومتر.
2- السيارة الثانية : بسعر 3000 دولا ايضا، لكن عدّاد المسافات يشير الى انها قطعت 120 ألف كيلومتر.

أي سيارة ستختار؟ 
جل الناس طبعا إن لم نقل كلها ستختار  بكل ثقة السيارة الاولى ، لان عدّادها يشير الى انها قطعت مسافة اقل .

لكن هل هذا القرار قرار صائب دائما ؟
غير صائب دائما على الدوام لانه اعتمد على نوع من الارتكاز الوهمي ايضا، تخيل لو ان مالك السيارة الثاني كان شخص واعي يسوق باعتدال واحتراف و يعتني جدا بصيانة محرك سيارته ، بخلاف مالك السيارة الاولى يسوف باستهتار وتعرضت سيارته لحوادث كثيرة ويهمل كل الاهمال العناية بمحرك السيارة.

هنا انت ستختار اختيار سيء. فبدل ان يكون اختيارك مبني على جودة المحرك و سلامة السيارة من الاعطاب ، فانت ستبنيه على امر اخر غير سليم دائماً. و هو العدّاد والذي يمكن التلاعب به، بل و تصفيره احيانا.

الخلاصة من الموضوع

ظاهرة الارتكاز الوهمي
خدعة الإرتكاز الوهمي وكيف ينخدع بها الناس دون شعور
الكثيرون من الرواد في فن التسويق وفي شتى المجالات يعتمدون الارتكاز الوهمي في خداع الناس لتحقيق اهدافهم ، لكن ظاهرة الارتكاز الوهمي لا تنحصر فقط في أمور السعر والتسويق، بل تشمل الكثير من أمور الحياة الأخرى، لانه للأسف الكثير من الناس لابد ان يعتمدوا على مرتكز ما لا شعوريا حتى لو كان وهميا في اتخاد القرار.و هذا خطأ كبير لا ينتبه له جل الناس.

و حتى بعض الناس المتعلمين الكبار  يقعون ضحية خدعة الارتكاز الوهمي أحيانا حين يعتمدون على إستنتاجات خاطئة بناءً على مرتكزات وهمية حين يقررون ماذا يختارون .

والحديث في موضوع الارتكاز الوهمي طويل جدا ولهذا نكتفي هنا بهذا القدر البسيط من الشرح وهو كافي لشرح وتوضيح كيف ينخدع الناس بظاهرة الارتكاز الوهمي.  وذلك حتى تتفادى عزيزي القارئ ما أمكن الوقوع ضحية خدعة الارتكاز الوهمي أو الكثير من أساليب الاحتيال والخداع المماثلة من هذا النوع حين تتخد قراراتك المهمة.