المعيار الصحيح للحكم على الناس


- 17:07


ماهو المعيار الصحيح للحكم على الناس  ؟
 هناك اعتقاد وتصور يكاد يكون عاما لدى الناس انهم  يتخدون الشكل و المظهر الخارجي معيارا  للحكم على اي شخص يصادفونه ، فيظنون مثلا ان كل شخص يظهر بمظهر أنيق مثلا انه من الطبقة الميسورة او دو مستوى ثقافي عال،  والعكس كذلك ان من يظهر بمظهر بسيط أو رث انه ينتمني  الى الطبقة الفقيرة أو غير المثقفة، والحقيقة هذا المعيار للحكم على الناس غير صحيح بالضرورة ، واليك هذه القصة :

 المعيار الصحيح للحكم على الناس

 بمدينة بوسطن الأمريكية توقف القطار في إحدى المحطات و نزل منه زوجين يرتديان ملابس بسيطة. و كانت الزوجة تتشح بثوب عادي جدا من القطن الرث ، بينما يرتدي الزوج بزة متواضعة صنعها بيديه. وبخطوات خجولة  توجه الزوجان مباشرة إلى مكتب رئيس " جامعة هارفارد " ولم يكونا قد حصلا على موعد مسبق.

قالت سكريتيرة  رئيس الجامعة للزوجين القرويين : " الرئيس حاليا مشغول جدا " ولن يستطيع مقابلتكما حاليا ... ولكن سرعان ما جاءها رد السيدة الريفية حيث قالت بثقة : " سوف ننتظره ". وظل الزوجان ينتظران ساعات طويلة أهملتهما خلالها السكرتيرة تماما على أمل أن يفقدا الأمل والحماس البادي على وجهيهما وينصرفا. ولكن هيهات ، فقد حضر الزوجان فيما يبدو لأمر هام جدا. ولكن مع انقضاء الوقت ، وإصرار الزوجين ، بدأ غضب السكرتيرة يتصاعد ، فقررت مقاطعة رئيسها ، ورجته أن يقابلهما لبضع دقائق لعلهما يرحلان.

تهجم وجه رئيس الجامعة و رفع رأسه غاضبا" وبدت عليه علامات الاستياء ، فمن هم في مركزه لا يجدون وقتاً لملاقاته ومقابلته سوى  علية القوم من الذكاترة ، فضلا عن أنه يكره الثياب القطنية الرثة وكل من هم في هيئة الفلاحين. لكنه وافق على رؤيتهما بمضض لبضع دقائق لكي يضطرا للرحيل.

عندما دخل الزوجان مكتب رئيس الجامعة ، خاطبته السيدة أنه كان لهما ولد درس لمدة عام في  هذه الجامعة التي يرأسها حاليا " جامعة هارفارد " لكنه توفى في حادث ، وبما أنه كان سعيدا" خلال الفترة التي قضاها في هذه الجامعة العريقة ، فقد قررا تقديم تبرع لهذه الجامعة لتخليد اسم ابنهما الفقيد.

لم يتأثر الرئيس كثيرا لما سمعه من السيدة ، بل اجاب بخشونة : " سيدتي ، لا يمكننا أن نقيم نصب ونخلد ذكرى كل من درس في " هارفارد " ثم توفى ، وإلا تحولت الجامعة إلى غابة من التماثيل والنصب التذكارية ".

وهنا ردت السيدة : نحن لا نرغب في وضع تمثال ، بل نريد أن نهب مبنى يحمل اسمه لجامعة " هارفارد ". لكن هذا الكلام لم يلق أي صدى لدى السيد الرئيس ، فرمق بعينين غاضبتين ذلك الثوب القطني والبذلة المتهالكة ورد بسخرية : " هل لديكما فكرة كم يكلف بناء مثل هذا المبنى ؟! لقد كلفتنا مباني الجامعة ما يربو على سبعة ونصف مليون دولار!"

ساد الصمت لبرهة ، ظن خلالها الرئيس أنه الان  بإمكانه  أن يتخلص من ازعاج الزوجين ، وهنا استدارت السيدة وقالت لزوجها : " سيد ستانفورد : ما دامت هذه هي تكلفة إنشاء جامعة كاملة فلماذا لا ننشئ جامعة جديدة تحمل اسم ابننا؟" فهز الزوج رأسه موافقا.

غادر الزوجان " ليلند ستانفورد وجين ستانفورد " وسط ذهول وخيبة الرئيس ، وسافرا إلى كاليفورنيا حيث أسسا جامعة ستانفورد العريقة والتي ما زالت تحمل اسم عائلتهما وتخلد ذكرى ابنهما الذي لم يكن يساوي شيئا لرئيس جامعة هارفارد  ، وقد حدث هذا عام 1884م.

حقاً: من المهم دائما أن نسمع اولا قبل الحكم على الناس، وإذا سمعنا أن نفهم ونصغي ونقدر الاخر اولا ، وسواء استنتجنا شيئا في البداية أم لا ، فمن المهم أن لا نحكم على الناس من مظهرهم وملابسهم ولكنتهم وطريقة كلامهم، ومن المهم أن " لا نقرأ كتابا أبدا من عنوانه " حتى لو كان ثمنه عام 1884م سبعة ملايين دولار.

الخلاصة :

عزيزي القارئ لا تتخد المظهر الخاريجي معيارا للحكم على اي شخص تقابله ولا تجعل من انطباعاتك الاولى حول شخص ما  دليلا حاسما على انتماءه الاجتماعي او مستواه العلمي و الثقافي  فليس من المنطق ان كل شخص يظهر لك للوهلة الاولى  بمظهر ما انه بالضرورة ينتمي الى فئة معينة ، بل تريث و احتكم للتجربة و الاحتكاك اولا قبل قبل الحكم على الناس .